Hadislerle İslâm Cilt 3 Sayfa 401

istemişlerdir. Öte yandan İslâm"a inandığını söyleyen bazı kimseler de çeşitli gayelerle Hz. Peygamber"in adını kullanmaktan çekinmemiş, söylemek istediklerini Resûlullah"ın (sav) ağzıyla yaymaya çalışmışlardır. Oysa Allah Resûlü (sav), “Benim adıma yalan söylemek başkasının adına yalan söylemek gibi değildir.” demiş ve “Kim benim adıma kasten yalan söylerse cehennemdeki yerine hazırlansın.” sözleriyle de yalancıları uyarmıştır.41 Aynı zamanda o, yalan olduğunu bildiği hâlde bir hadisi doğruymuş gibi nakleden kimselerin de onu uyduranla aynı konumda olduğunu söyleyerek42 konunun ne kadar önemli olduğuna işaret etmiştir.

Kişinin bazı durumlarda doğruyu söylemesi çeşitli sorunlarla karşılaşmasına neden olabilir. Böyle zamanlarda doğruyu söylemek zor olmakla birlikte, nihayetinde yalana başvurmadan dürüst davranan kişi kazançlı çıkar. Örneğin, Tebük Seferi"ne hiçbir mazereti olmaksızın katılmayan, fakat münafıkların yaptığı gibi Resûlullah"a (sav) çeşitli yalanlarla bahane uydurmayan Kâ"b b. Mâlik, Mürâre b. Rabîa ve Hilâl b. Ümeyye adındaki üç seçkin sahâbînin dünyaları utanç ve üzüntülerinden dolayı başlarına yıkılmış, ama nihayetinde doğru sözlü olmaları nedeniyle Allah"ın affına mazhar olmuşlardır.43 Doğru söyleyenler, dünya hayatında geçici zararlara uğrasalar da nihaî olarak alınları ak olacak, âhirette ise cennetle mükâfatlandırılacaklardır. Çünkü Efendimiz, “Siz bana altı şeyi garanti edin, ben de size cenneti garanti edeyim.” buyurmuş ve ilk sırada, “Konuştuğunuz zaman doğru söyleyin.” ilkesini zikretmiştir.44 Ayrıca Allah Resûlü (sav) yalan söylemeyi terk edenlere cennetin ortasında bir köşk yapılacağını da müjdelemiştir.45

İslâm dini, söz ve davranışlarda doğruluğu esas almakla birlikte, başka bir çarenin kalmadığı, zarurî birtakım durumlarda yalan söylenmesine izin vermiştir. İnsanların arasını düzeltmek gibi, İslâm"ın öngördüğü hayırlı bir amaca sadece yalanla ulaşılabilecekse bu gibi durumlarda yalan caiz sayılmaktadır.46 Allah Resûlü (sav) yalnızca üç durumda yalana izin vermiş, kişinin yuvasının huzurunu düşünerek eşini memnun etmesi için, küs olan insanları barıştırmak için ve savaşta ordu menfaati için yalan söylenebileceğini haber vermiştir.47 Hendek Savaşı"nda, Müslüman olduğu kâfirler tarafından bilinmeyen Nuaym b. Mes"ûd, düşman arasına fitne sokabilmek için Resûlullah"tan (sav) yalan söylemek hususunda izin istemiş, Allah Resûlü de (sav), “İstediğini söyle. Sen bu konuda serbestsin.” demiştir.48 Hz. Peygamber"in yalan için izin verdiği bu istisnaî durumlarda iki zarardan

    

Dipnotlar

41 B1291 Buhârî, Cenâiz, 33.

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » . سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ » .

42 İM40 İbn Mâce, Sünnet, 5

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ عَلِىٍّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنْ رَوَى عَنِّى حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ » . HM18368 İbn Hanbel, IV, 250. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَبَهْزٌ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ أَبِي شَبِيبٍ يُحَدِّثُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ

43 Tevbe, 9/118

وَعَلَى الثَّلٰثَةِ الَّذ۪ينَ خُلِّفُواۜ حَتّٰٓى اِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْاَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ اَنْفُسُهُمْ وَظَنُّٓوا اَنْ لَا مَلْجَاَ مِنَ اللّٰهِ اِلَّٓا اِلَيْهِۜ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواۜ اِنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّح۪يمُ۟ ﴿118﴾ M7016 Müslim, Tevbe 53. حَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ مَوْلَى بَنِى أُمَيَّةَ أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ وَهُوَ يُرِيدُ الرُّومَ وَنَصَارَى الْعَرَبِ بِالشَّامِ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ كَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ إِلاَّ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ غَيْرَ أَنِّى قَدْ تَخَلَّفْتُ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهُ إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهُمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِى النَّاسِ مِنْهَا وَكَانَ مِنْ خَبَرِى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّى لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا فَجَلاَ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِمُ الَّذِى يُرِيدُ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابُ حَافِظٍ - يُرِيدُ بِذَلِكَ الدِّيوَانَ - قَالَ كَعْبٌ فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْىٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا . وَأَقُولُ فِى نَفْسِى أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُ . فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَادِيًا وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئًا ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِى حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ فَيَا لَيْتَنِى فَعَلْتُ ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِى فَطَفِقْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِى النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْزُنُنِى أَنِّى لاَ أَرَى لِى أُسْوَةً إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِى النِّفَاقِ أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَلَغَ تَبُوكًا فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِى الْقَوْمِ بِتَبُوكَ « مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ » . قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِى عِطْفَيْهِ . فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا . فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ رَأَى رَجُلاً مُبَيِّضًا يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ » . فَإِذَا هُو أَبُو خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِىُّ وَهُوَ الَّذِى تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ . فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلاً مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِى بَثِّى فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى فَلَمَّا قِيلَ لِى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّى لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَىْءٍ أَبَدًا فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ وَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَادِمًا وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلاَنِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ حَتَّى جِئْتُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ « تَعَالَ » . فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِى « مَا خَلَّفَكَ » . أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ » . قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّى سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ إِنِّى لأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِى عُذْرٌ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ » . فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِى فَقَالُوا لِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا لَقَدْ عَجَزْتَ فِى أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ . قَالَ فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِى حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُكَذِّبَ نَفْسِى - قَالَ - ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِىَ هَذَا مَعِى مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ - قَالَ - قُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِىُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ - قَالَ - فَذَكَرُوا لِى رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شِهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ - قَالَ - فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِى . قَالَ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ - قَالَ - فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ - وَقَالَ - تَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِى فِى نَفْسِىَ الأَرْضُ فَمَا هِىَ بِالأَرْضِ الَّتِى أَعْرِفُ فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمَّا صَاحِبَاىَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ وَأَطُوفُ فِى الأَسْوَاقِ وَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِى مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَأَقُولُ فِى نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ أَمْ لاَ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيبًا مِنْهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِى نَظَرَ إِلَىَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَىَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّى وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَنَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ فَسَكَتَ فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى فِى سُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِىٌّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - قَالَ - فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَىَّ حَتَّى جَاءَنِى فَدَفَعَ إِلَىَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ وَكُنْتُ كَاتِبًا فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ . قَالَ فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا وَهَذِهِ أَيْضًا مِنَ الْبَلاَءِ . فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بِهَا حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِى فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ . قَالَ فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ لاَ بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا - قَالَ - فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ - قَالَ - فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى الْحَقِى بِأَهْلِكِ فَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِى هَذَا الأَمْرِ - قَالَ - فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ « لاَ وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ » . فَقَالَتْ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَىْءٍ وَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا . قَالَ فَقَالَ لِى بَعْضُ أَهْلِى لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ - قَالَ - فَقُلْتُ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُدْرِينِى مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ - قَالَ - فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِىَ عَنْ كَلاَمِنَا - قَالَ - ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَّا قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى وَضَاقَتْ عَلَىَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ - قَالَ - فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ . - قَالَ - فَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَىَّ مُبَشِّرُونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَىَّ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِى وَأَوْفَى الْجَبَلَ فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ . فَلَبِسْتُهُمَا فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَلَقَّانِى النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنِّئُونِى بِالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ . حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِى الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّأَنِى وَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ . قَالَ فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ . قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ وَيَقُولُ « أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ » . قَالَ فَقُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ « لاَ بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ » . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ - قَالَ - وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ - قَالَ - فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ » . قَالَ فَقُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِىَ الَّذِى بِخَيْبَرَ - قَالَ - وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَنْجَانِى بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ - قَالَ - فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِى صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِى هَذَا أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى اللَّهُ بِهِ وَاللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِى هَذَا وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِىَ اللَّهُ فِيمَا بَقِىَ . قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ) حَتَّى بَلَغَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قَالَ كَعْبٌ وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ إِذْ هَدَانِى اللَّهُ لِلإِسْلاَمِ أَعْظَمَ فِى نَفْسِى مِنْ صِدْقِى رَسُولَ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ وَقَالَ اللَّهُ ( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) قَالَ كَعْبٌ كُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ) وَلَيْسَ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ .

44 HM23137 İbn Hanbel, V, 323.

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو عَنِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ

45 D4800 Ebû Dâvûd, Edeb, 7

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِىُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِىُّ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِى وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِى أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ » . T1993 Tirmizî, Birr, 58. حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّىُّ الْبَصْرِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ قَالَ حَدَّثَنِى سَلَمَةُ بْنُ وَرْدَانَ اللَّيْثِىُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِىَ لَهُ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِىَ لَهُ فِى وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِىَ لَهُ فِى أَعْلاَهَا » . وَهَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ حَسَنٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .

46 B2692 Buhârî, Sulh, 2.

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَيَنْمِى خَيْرًا ، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا » .

47 T1939 Tirmizî, Birr, 26.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح قَالَ وَحَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِىِّ وَأَبُو أَحْمَدَ قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِى الْحَرْبِ وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ » . وَقَالَ مَحْمُودٌ فِى حَدِيثِهِ « لاَ يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ » . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ لاَ نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ إِلاَّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ خُثَيْمٍ . وَرَوَى دَاوُدُ بْنُ أَبِى هِنْدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ . حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى زَائِدَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْدٍ . وَفِى الْبَابِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ .

48 VM2/480 Vâkıdî, Meğâzî, II, 480-481.

ذِكْرُ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَاصِمٍ الْأَشْجَعِيّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ كَانَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ أَهْلَ شَرَفٍ وَأَمْوَالٍ وَكُنّا قَوْمًا عَرَبًا، لَا نَخْلَ لَنَا وَلَا كَرْمَ وَإِنّمَا نَحْنُ أَهْلُ شَاةٍ وَبَعِيرٍ. فَكُنْت أَقْدَمُ عَلَى كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ، فَأُقِيمُ عِنْدَهُمْ الْأَيّامَ أَشْرَبُ مِنْ شَرَابِهِمْ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِمْ ثُمّ يُحَمّلُونَنِي تَمْرًا عَلَى رِكَابِي مَا كَانَتْ فَأَرْجِعُ إلَى أَهْلِي. فَلَمّا سَارَتْ الْأَحْزَابُ إلَى رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِرْت مَعَ قَوْمِي، وَأَنَا عَلَى دِينِي، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَارِفًا، فَأَقَامَتْ الْأَحْزَابُ مَا أَقَامَتْ حَتّى أَجْدَبَ الْجَنَابُ وَهَلَكَ الْخُفّ وَالْكُرَاعُ وَقَذَفَ اللّهُ - عَزّ وَجَلّ - فِي قَلْبِي الْإِسْلَامَ. وَكَتَمْت قَوْمِي إسْلَامِي، فَأَخْرُجُ حَتّى آتِي رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَأَجِدُهُ يُصَلّي، فَلَمّا رَآنِي جَلَسَ ثُمّ قَالَ: " مَا جَاءَ بِك يَا نُعَيْمُ ؟". قُلْت: إنّي جِئْت أُصَدّقُك وَأَشْهَدُ أَنّ مَا جِئْت بِهِ حَقّ، فَمُرْنِي بِمَا شِئْت يَا رَسُولَ اللّهِ فَوَاَللّهِ لَا تَأْمُرُنِي بِأَمْرٍ إلّا مَضَيْت لَهُ قَوْمِي لَا يَعْلَمُونَ بِإِسْلَامِي وَلَا غَيْرُهُمْ. قَالَ مَا اسْتَطَعْت أَنْ تُخَذّلَ النّاسَ فَخَذّلْ قَالَ قلت: أفعل ولكن (ص. 480) يَا رَسُولَ اللّهِ أَقُولُ فَأَذِنَ لِي. قَالَ: " قُلْ مَا بَدَا لَك فَأَنْتَ فِي حِلّ". قَالَ: فَذَهَبْت حَتّى جِئْت بَنِي قُرَيْظَةَ فَلَمّا رَأَوْنِي رَحّبُوا وَأَكْرَمُوا وَحَيّوْا وَعَرَضُوا عَلَيّ الطّعَامَ وَالشّرَابَ فَقُلْت: إنّي لَمْ آتِ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا ; إنّمَا جِئْتُكُمْ نَصَبًا بِأَمْرِكُمْ وَتَخَوّفًا عَلَيْكُمْ لِأُشِيرَ عَلَيْكُمْ بِرَأْيٍ وَقَدْ عَرَفْتُمْ وُدّي إيّاكُمْ وَخَاصّةَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. فَقَالُوا: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ وَأَنْتَ عِنْدَنَا عَلَى مَا تُحِبّ مِنْ الصّدْقِ وَالْبِرّ. قَالَ فَاكْتُمُوا عَنّي. قَالُوا: نَفْعَلُ. قَالَ إنّ أَمْرَ هَذَا الرّجُلُ بَلَاءٌ - يَعْنِي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَنَعَ مَا قَدْ رَأَيْتُمْ بِبَنِي قَيْنُقَاعَ وَبَنِي النّضِيرِ وَأَجْلَاهُمْ عَنْ بِلَادِهِمْ بَعْدَ قَبْضِ الْأَمْوَالِ. وَكَانَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ قَدْ سَارَ فِينَا فَاجْتَمَعْنَا مَعَهُ لِنَصْرِكُمْ وَأَرَى الْأَمْرَ قَدْ تَطَاوَلَ كَمَا تَرَوْنَ وَإِنّكُمْ وَاَللّهِ مَا أَنْتُمْ وَقُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ مِنْ مُحَمّدٍ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ أَمّا قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ فَهُمْ قَوْمٌ جَاءُوا سَيّارَةً حَتّى نَزَلُوا حَيْثُ رَأَيْتُمْ فَإِنْ وَجَدُوا فُرْصَةً انْتَهَزُوهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْحَرْبُ أَوْ أَصَابَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ انْشَمَرُوا إلَى بِلَادِهِمْ. وَأَنْتُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ الْبَلَدُ بَلَدُكُمْ فِيهِ أَمْوَالُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ وَقَدْ غَلُظَ عَلَيْهِمْ جَانِبُ مُحَمّدٍ أَجَلَبُوا عَلَيْهِ أَمْسِ إلَى اللّيْلِ فَقَتَلَ رَأْسَهُمْ عَمْرُو بْنُ عَبْدٍ وَهَرَبُوا مِنْهُ 1 مُجَرّحِينَ وَهُمْ لَا غَنَاءَ 2 بِهِمْ عَنْكُمْ لِمَا تَعْرِفُونَ عِنْدَكُمْ. فَلَا تُقَاتِلُوا مَعَ قُرَيْشٍ وَلَا غَطَفَانَ حَتّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ رَهْنًا مِنْ أَشْرَافِهِمْ تَسْتَوْثِقُونَ بِهِ مِنْهُمْ أَلّا يُنَاجِزُوا مُحَمّدًا. قَالُوا: أَشَرْت بِالرّأْيِ عَلَيْنَا وَالنّصْحِ. وَدَعَوْا لَهُ وَتَشَكّرُوا، وَقَالُوا: نَحْنُ فَاعِلُونَ. قَالَ: وَلَكِنْ اُكْتُمُوا عَنّي. قَالُوا: نَعَمْ نَفْعَلُ. ثُمّ خَرَجَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ يَا أَبَا سُفْيَانَ قَدْ جِئْتُك بِنَصِيحَةٍ فَاكْتُمْ عَنّي. قَالَ أَفْعَلُ. قَالَ: تَعْلَمُ أَنّ قُرَيْظَةَ قَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فِيمَا بينهم (ص. 481) وَبَيْنَ مُحَمّدٍ وَأَرَادُوا إصْلَاحَهُ وَمُرَاجَعَتَهُ. أَرْسَلُوا إلَيْهِ وَأَنَا عِنْدَهُمْ إنّا سَنَأْخُذُ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا نُسَلّمُهُمْ إلَيْك تَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ وَتَرُدّ جَنَاحَنَا الّذِي كَسَرْت إلَى دِيَارِهِمْ - يَعْنُونَ بَنِي النّضِيرِ - وَنَكُونُ مَعَك عَلَى قُرَيْشٍ حَتّى نَرُدّهُمْ عَنْك. فَإِنْ بَعَثُوا إلَيْكُمْ يَسْأَلُونَكُمْ رَهْنًا فَلَا تَدْفَعُوا إلَيْهِمْ أَحَدًا وَاحْذَرُوهُمْ عَلَى أَشْرَافِكُمْ وَلَكِنْ اُكْتُمُوا عَنّي وَلَا تَذْكُرُوا مِنْ هَذَا حَرْفًا. قَالُوا: لَا نَذْكُرُهُ. ثُمّ خَرَجَ حَتّى أَتَى غَطَفَانَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ غَطَفَانَ، إنّي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَاكْتُمُوا عَنّي، وَاعْلَمُوا أَنّ قُرَيْظَةَ بَعَثُوا إلَى مُحَمّدٍ - وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ لِقُرَيْشٍ - فَاحْذَرُوا أَنْ تَدْفَعُوا إلَيْهِمْ أَحَدًا مِنْ رِجَالِكُمْ. وَكَانَ رَجُلًا مِنْهُمْ فَصَدّقُوهُ. وَأَرْسَلَتْ الْيَهُودُ غَزّالَ بْنَ سَمَوْأَلٍ إلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْب وَأَشْرَافِ قُرَيْشٍ: إنّ ثَوَاءَكُمْ قَدْ طَالَ وَلَمْ تَصْنَعُوا شَيْئًا وَلَيْسَ الّذِي تَصْنَعُونَ بِرَأْيٍ إنّكُمْ لَوْ وَعَدْتُمُونَا يَوْمًا تَزْحَفُونَ 1 فِيهِ إلَى مُحَمّدٍ فَتَأْتُونَ مِنْ وَجْهٍ وَتَأْتِي غَطَفَانُ مِنْ وَجْهٍ وَنَخْرُجُ نَحْنُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَمْ يُفْلِتْ مِنْ بَعْضِنَا. وَلَكِنْ لَا نَخْرُجُ مَعَكُمْ حَتّى تُرْسِلُوا إلَيْنَا بِرِهَانٍ مِنْ أَشْرَافِكُمْ يَكُونُونَ عِنْدَنَا، فَإِنّا نَخَافُ إنْ مَسّتْكُمْ الْحَرْبُ وَأَصَابَكُمْ مَا تَكْرَهُونَ شَمّرْتُمْ وَتَرَكْتُمُونَا فِي عُقْرِ دَارِنَا وَقَدْ نَابَذْنَا مُحَمّدًا بِالْعَدَاوَةِ. فَانْصَرَفَ الرّسُولُ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَيْهِمْ شَيْئًا، وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هَذَا مَا قَالَ نُعَيْمٌ. فَخَرَجَ نُعَيْمٌ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنَا عِنْدَ أَبِي سُفْيَانَ حَتّى جَاءَ رَسُولُكُمْ إلَيْهِ يَطْلُبُ مِنْهُ الرّهَانَ فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَلَمّا وَلّى قَالَ: لَوْ طَلَبُوا مِنّي عَنَاقًا 2 مَا رَهَنْتهَا أَنَا أَرْهَنُهُمْ سَرَاةَ أَصْحَابِي يَدْفَعُونَهُمْ إلَى مُحَمّدٍ يَقْتُلُهُمْ فَارْتَأَوْا آرَاءَكُمْ حَتّى تَأْخُذُوا الرّهْنَ فَإِنّكُمْ إنْ لَمْ تُقَاتِلُوا مُحَمّدًا وَانْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ تَكُونُوا عَلَى مُوَاعَدَتِكُمْ 3 الأولى. قالوا: (ص. 482) تَرْجُو ذَلِكَ يَا نُعَيْمُ ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ: فَإِنّا لَا نُقَاتِلُهُ. وَاَللّهِ لَقَدْ كُنْت لِهَذَا كَارِهًا وَلَكِنْ حُيَيّ رَجُلٌ مَشْئُومٌ. قَالَ الزّبَيْرُ بْنُ بَاطَا: إنْ انْكَشَفَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ عَنْ مُحَمّدٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنّا إلّا السّيْفُ. قَالَ نُعَيْمٌ: لَا تَخْشَ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرّحْمَنِ. قَالَ الزّبَيْرُ بَلَى وَالتّوْرَاةُ، وَلَوْ أَصَابَتْ الْيَهُودُ رَأْيَهَا وَلَحَمَ الْأَمْرُ لَتَخْرُجَن إلَى مُحَمّدٍ وَلَا يَطْلُبُونَ مِنْ قُرَيْشٍ رَهْنًا، فَإِنّ قُرَيْشًا لَا تُعْطِينَا رَهْنًا أَبَدًا، وَعَلَى أَيّ وَجْهٍ تُعْطِينَا قُرَيْشٌ الرّهْنَ وَعَدَدُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِنَا، وَمَعَهُمْ كُرَاعٌ وَلَا كُرَاعٌ مَعَنَا، وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى الْهَرَبِ وَنَحْنُ لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ ؟ وَهَذِهِ غَطَفَانُ تَطْلُبُ إلَى مُحَمّدٍ أَنْ يُعْطِيَهَا بَعْضَ تَمْرِ الْأَوْسِ وَتَنْصَرِفُ فَأَبَى مُحَمّدٌ إلّا السّيْفَ فَهُمْ يَنْصَرِفُونَ بِغَيْرِ شَيْءٍ. فَلَمّا كَانَ لَيْلَةُ السّبْتِ كَانَ مِمّا صَنَعَ اللّهُ تَعَالَى لِنَبِيّهِ أَنْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنّ الْجَنَابَ قَدْ أَجْدَبَ وَهَلَكَ الْكُرَاعُ وَالْخُفّ، وَغَدَرَتْ الْيَهُودُ وَكَذَبَتْ وَلَيْسَ هَذَا بِحَيْنِ مُقَامٍ فَانْصَرِفُوا قَالَتْ قُرَيْشٌ: فَاعْلَمْ عِلْمَ الْيَهُودِ وَاسْتَيْقِنْ خَبَرَهُمْ. فَبَعَثُوا عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ حَتّى جَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ عِنْدَ غُرُوبِ الشّمْسِ مَسَاءَ لَيْلَةِ السّبْتِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ إنّهُ قَدْ طَالَ الْمُكْثُ وَجَهَدَ الْخُفّ وَالْكُرَاعُ وَأَجْدَبَ الْجَنَابُ، وَإِنّا لَسْنَا بِدَارِ مُقَامَةٍ اُخْرُجُوا إلَى هَذَا الرّجُلِ حَتّى نُنَاجِزَهُ بِالْغَدَاةِ. قَالُوا: غَدًا السّبْتُ لَا نُقَاتِلُ وَلَا نَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا، وَإِنّا مَعَ ذَلِكَ لَا نُقَاتِلُ مَعَكُمْ إذَا انْقَضَى سَبْتُنَا حَتّى تُعْطُونَا رِهَانًا مِنْ رِجَالِكُمْ يَكُونُونَ مَعَنَا لِئَلّا تَبْرَحُوا حَتّى نُنَاجِزَ مُحَمّدًا، فَإِنّا نَخْشَى إنْ أَصَابَتْكُمْ الْحَرْبُ أَنْ تُشَمّرُوا إلَى بِلَادِكُمْ وَتَدْعُونَا وَإِيّاهُ فِي بِلَادِنَا وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ مَعَنَا الذّرَارِيّ وَالنّسَاءُ وَالْأَمْوَالُ. فَرَجَعَ عِكْرِمَةُ إلَى أَبِي سُفْيَانَ فَقَالُوا: مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ: أَحْلِفُ بِاَللّهِ إنّ الْخَبَرَ الّذِي جَاءَ بِهِ نُعَيْمٌ حَقّ، لَقَدْ غَدَرَ أَعْدَاءُ اللّهِ. وَأَرْسَلَتْ غطفان إليهم (ص. 483) مَسْعُودَ بْنَ رُخَيْلَةَ فِي رِجَالٍ مِنْهُمْ بِمِثْلِ رِسَالَةِ أَبِي سُفْيَانَ فَأَجَابُوهُمْ بِمِثْلِ جَوَابِ أَبِي سُفْيَانَ. وَقَالَتْ الْيَهُودُ حَيْثُ رَأَوْا مَا رَأَوْا مِنْهُمْ: نَحْلِفُ بِاَللّهِ إنّ الْخَبَرَ الّذِي قَالَ نُعَيْمٌ لَحَقّ. وَعَرَفُوا أَنّ قُرَيْشًا لَا تُقِيمُ فَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ فَكّرَ أَبُو سُفْيَانَ إلَيْهِمْ وَقَالَ إنّا وَاَللّهِ لَا نَفْعَلُ إنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْقِتَالَ فَاخْرُجُوا فَقَاتِلُوا. فَقَالَتْ الْيَهُودُ مِثْلَ قَوْلِهِمْ الْأَوّلِ وَجَعَلَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ: الْخَبَرُ مَا قَالَ نُعَيْمٌ. وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ تَقُولُ الْخَبَرُ مَا قَالَ نُعَيْمٌ. وَيَئِسَ هَؤُلَاءِ مِنْ نَصْرِ هَؤُلَاءِ وَيَئِسَ هَؤُلَاءِ مِنْ نَصْرِ هَؤُلَاءِ وَاخْتَلَفَ أَمْرُهُمْ فَكَانَ نُعَيْمٌ يَقُولُ: أَنَا خَذّلْتُ بَيْنَ الْأَحْزَابِ حَتّى تَفَرّقُوا فِي كُلّ وَجْهٍ وَأَنَا أَمِينُ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سِرّهِ. فَكَانَ صَحِيحَ الْإِسْلَامِ بَعْدُ. فَحَدّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمّا قَالَتْ قُرَيْظَةُ لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ مَا قَالَتْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْب لِحُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ: أَيْنَ مَا وَعَدْتنَا مِنْ نَصْرِ قَوْمِك ؟ قَدْ خَلّوْنَا وَهُمْ يُرِيدُونَ الْغَدْرَ بِنَا قَالَ حُيَيّ: كَلّا وَالتّوْرَاةِ، وَلَكِنّ السّبْتَ قَدْ حَضَرَ وَنَحْنُ لَا نَكْسِرُ السّبْتَ فَكَيْفَ نُنْصَرُ عَلَى مُحَمّدٍ إذَا كَسَرْنَا السّبْتَ؟ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ اُغْدُوا 1 عَلَى مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ بِمِثْلِ حَرْقِ النّارِ. وَخَرَجَ حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ حَتّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَالَ فِدَاءَكُمْ أَبِي وَأُمّي، إنّ قُرَيْشًا قَدْ اتّهَمَتْكُمْ بِالْغَدْرِ وَاتّهَمُونِي مَعَكُمْ وَمَا السّبْتُ لَوْ كَسَرْتُمُوهُ لِمَا قَدْ حَضَرَ مِنْ أَمْرِ عَدُوّكُمْ ؟ قَالَ: فَغَضِبَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ، ثُمّ قَالَ: لَوْ قَتَلَهُمْ مُحَمّدٌ حَتّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ مَا كَسَرْنَا سَبْتَنَا. فَرَجَعَ حُيَيّ إلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَقَالَ أَلَمْ أُخْبِرْك يا يَهُودِيّ أَنّ قَوْمَك يُرِيدُونَ الْغَدْرَ ؟ قَالَ حُيَيّ: لَا وَاَللّهِ مَا يُرِيدُونَ الْغَدْرَ وَلَكِنّهُمْ يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْأَحَدِ. فَقَالَ أَبُو سفيان: (ص. 484) وَمَا السّبْتُ ؟ قَالَ: يَوْمٌ مِنْ أَيّامِهِمْ يُعَظّمُونَ الْقِتَالَ فِيهِ وَذَلِكَ أَنّ سَبْطًا مِنّا أَكَلُوا الْحِيتَانَ يَوْمَ السّبْتِ فَمَسَخَهُمْ اللّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا أَرَانِي أَسْتَنْصِرُ بِإِخْوَةِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ ثُمّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ بَعَثْت عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ وَأَصْحَابَهُ إلَيْهِمْ فَقَالُوا: لَا نُقَاتِلُ حَتّى تَبْعَثُوا لَنَا 1 بِالرّهَانِ مِنْ أَشْرَافِكُمْ. وَقَبْلَ ذَلِكَ مَا جَاءَنَا غَزّالُ بْنُ سَمَوْأَلٍ بِرِسَالَتِهِمْ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَحْلِفُ بِاَللّاتِي إنْ هُوَ إلّا غَدْرُكُمْ وَإِنّي لَأَحْسَبُ أَنّك قَدْ دَخَلْت فِي غَدْرِ الْقَوْمِ قَالَ حُيَيّ: وَالتّوْرَاةِ الّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى يَوْمَ طُورِ سَيْنَاءَ مَا غَدَرْت وَلَقَدْ جِئْتُك مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ هُمْ أَعْدَى النّاسِ لِمُحَمّدٍ وَأَحْرَصُهُمْ عَلَى قِتَالِهِ وَلَكِنْ مَا مُقَامُ يَوْمٍ وَاحِدٍ حَتّى يَخْرُجُوا مَعَك قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا وَاَللّهِ وَلَا سَاعَةً لَا أُقِيمُ بِالنّاسِ انْتِظَارَ غَدْرِكُمْ. حَتّى خَافَ حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ فَخَرَجَ مَعَهُمْ مِنْ الْخَوْفِ حَتّى بَلَغَ الرّوْحَاءَ، فَمَا رَجَعَ إلّا مُتَسَرّقًا لِمَا أَعْطَى كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ مِنْ نَفْسِهِ لَيَرْجِعَن إلَيْهِ فَدَخَلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ حِصْنَهُمْ لَيْلًا وَيَجِدُ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ زَحَفَ إلَيْهِمْ سَاعَةَ وَلّتْ الْأَحْزَابُ. فَحَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي كَعْبٍ الْقُرَظِيّ قَالَ كَانَ حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ أَسَدٍ حِينَ جَاءَهُ وَجَعَلَ كَعْبٌ يَأْبَى فَقَالَ حُيَيّ: لَا تُقَاتِلْ حَتّى تَأْخُذَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ رِهَانًا عِنْدَكُمْ. وَذَلِكَ مِنْ حُيَيّ خَدِيعَةً لِكَعْبٍ حَتّى يَنْقُضَ الْعَهْدَ وَعَرَفَ أَنّهُ إذَا نَقَضَ الْعَهْدَ لَحَمَ الْأَمْرُ. وَلَمْ يُخْبِر حُيَيّ قُرَيْشًا بِاَلّذِي قَالَ لِبَنِي قُرَيْظَةَ: فَلَمّا جَاءَهُمْ عِكْرِمَةُ يَطْلُبُ مِنْهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ السّبْتَ قَالُوا: لَا نَكْسِرُ السّبْتَ وَلَكِنْ يَوْمَ الْأَحَدِ وَلَا نَخْرُجُ حَتّى تُعْطُونَا الرّهَانَ. فقال عكرمة: أي (ص. 485) رِهَانٍ ؟ قَالَ كَعْبٌ الّذِي شَرَطْتُمْ لَنَا. قَالَ وَمَنْ شَرَطَهَا لَكُمْ ؟ قَالُوا: حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ. فَأَخْبَرَ أَبَا سُفْيَانَ ذَلِكَ فَقَالَ لِحُيَيّ يَا يَهُودِيّ، نَحْنُ قُلْنَا لَك كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ لَا وَالتّوْرَاةِ، مَا قُلْت ذَلِكَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بَلْ هُوَ الْغَدْرُ مِنْ حُيَيّ. فَجَعَلَ حُيَيّ يَحْلِفُ بِالتّوْرَاةِ مَا قَالَ ذَلِكَ. حَدّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَمّهِ قَالَ قَالَ كَعْبٌ يَا حُيَيّ، لَا نَخْرُجُ حَتّى نَأْخُذَ مِنْ كُلّ أَصْحَابِك مِنْ كُلّ بَطْنٍ سَبْعِينَ رَجُلًا رَهْنًا فِي أَيْدِينَا. فَذَكَرَ ذَلِكَ حُيَيّ لِقُرَيْشٍ وَلِغَطَفَانَ 1 وَقَيْسٍ، فَفَعَلُوا وَعَقَدُوا بَيْنَهُمْ عَقْدًا بِذَلِكَ حَتّى شَقّ كَعْبٌ الْكِتَابَ. فَلَمّا أَرْسَلَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ تَسْتَنْصِرُهُ قَالَ الرّهْنُ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا، لِمَا أَرَادَ اللّهُ - عَزّ وَجَلّ -. وَحَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ قَالَ سَمِعْته يَقُولُ: أَرْسَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ أَنْ ائْتُوا فَإِنّا سَنُغِيرُ عَلَى بَيْضَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ وَرَائِهِمْ. فَسَمِعَ ذَلِكَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ وَكَانَ مُوَادِعًا لِلنّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عِنْدَ عُيَيْنَةَ حِينَ أَرْسَلَتْ بِذَلِكَ بَنُو قُرَيْظَةَ إلَى أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ فَأَقْبَلَ نُعَيْمٌ إلَى رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهَا وَمَا أَرْسَلَتْ بِهِ قُرَيْظَةُ إلَى الْأَحْزَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "فَلَعَلّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ". فَقَامَ نُعَيْمٌ بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ. قَالَ: وَكَانَ نُعَيْمٌ رَجُلًا لَا يَكْتُمُ الْحَدِيثَ. فَلَمّا وَلّى مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاهِبًا إلَى غَطَفَانَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ - يَا رَسُولَ اللّهِ مَا هَذَا الّذِي قُلْت ؟ إنْ كَانَ أَمْرٌ مِنْ اللّهِ تَعَالَى فَامْضِهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا رَأْيًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِك فَإِنّ شَأْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ هُوَ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا يُؤْثَرُ عَنْك. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "بَلْ هُوَ رَأْيٌ رَأَيْته، (ص. 486) الْحَرْبُ خُدْعَةٌ" . ثُمّ أَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَثَرِ نُعَيْمٍ فَدَعَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "أَرَأَيْت الّذِي سَمِعْتنِي قُلْت آنِفًا ؟ اُسْكُتْ عَنْهُ فَلَا تَذْكُرْهُ!". فَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتّى جَاءَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ غَطَفَانَ، فَقَالَ لَهُمْ هَلْ عَلِمْتُمْ مُحَمّدًا قَالَ شَيْئًا قَطّ إلّا كَانَ حَقّا ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ فَإِنّهُ قَالَ لِي فِيمَا أَرْسَلَتْ بِهِ إلَيْكُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ " فَلَعَلّنَا نَحْنُ أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ " ، ثُمّ نَهَانِي أَذْكُرَهُ لَكُمْ. فَانْطَلَقَ عُيَيْنَةُ حَتّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ نُعَيْمٍ عَنْ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمْ: إنّمَا أَنْتُمْ فِي مَكْرِ بَنِي قُرَيْظَةَ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: نُرْسِلُ إلَيْهِمْ الْآنَ فَنَسْأَلُهُمْ الرّهْنَ فَإِنْ دَفَعُوا الرّهْنَ إلَيْنَا فَقَدْ صَدَقُونَا، وَإِنْ أَبَوْا ذَلِكَ فَنَحْنُ مِنْهُمْ فِي مَكْرٍ. فَجَاءَهُمْ رَسُولُ أَبِي سُفْيَانَ فَسَأَلَهُمْ الرّهْنَ لَيْلَةَ السّبْتِ فَقَالُوا: هَذِهِ لَيْلَةُ السّبْتِ وَلَسْنَا نَقْضِي فِيهَا وَلَا فِي يَوْمِهَا أَمْرًا، فَأَمْهِلْ حَتّى يَذْهَبَ السّبْتُ. فَخَرَجَ الرّسُولُ إلَى أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَرُءُوسُ الْأَحْزَابِ مَعَهُ هَذَا مَكْرٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَارْتَحِلُوا فَقَدْ طَالَتْ إقَامَتُكُمْ. فَآذَنُوا بِالرّحِيلِ وَبَعَثَ اللّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ الرّيحَ حَتّى مَا يَكَادُ أَحَدُهُمْ يَهْتَدِي لِمَوْضِعِ رَحْلِهِ فَارْتَحَلُوا فَوَلّوْا مُنْهَزِمِينَ. وَيُقَالُ إنّ حُيَيّ بْنَ أَخْطَبَ قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ أَنَا آخُذُ لَك مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ سَبْعِينَ رَجُلًا رَهْنًا عِنْدَك حَتّى يَخْرُجُوا فَيُقَاتِلُوا، فَهُمْ أَعْرَفُ بِقِتَالِ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ. فَكَانَ هَذَا الّذِي قَالَ إنّ أَبَا سُفْيَانَ طَلَبَ الرّهْنَ. قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ وَأَثْبَتُ الْأَشْيَاءِ عِنْدَنَا قَوْلُ نُعَيْمٍ الْأَوّلِ. وَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى يُحَدّثُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا عَلَى الْأَحْزَابِ فَقَالَ: "اللّهُمّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمْ الأحزاب؟ اللهم اهزمهم؟" (ص. 487)