Hadislerle İslâm Cilt 2 Sayfa 338

kışın (Yemen"e) ve yazın (Şam"a) yaptıkları yolculuğa ısındırıp alıştırdığı için, Kureyş de, kendilerini besleyip açlıklarını gideren ve onları korkudan emin kılan bu evin (Kâbe"nin) Rabbine kulluk etsinler.” buyurarak Kureyşlilere çağrıda bulunmaktadır.20 Kureyş"in Mekke"yi ellerinde bulundurmaları ve Kâbe hizmetleri sayesinde elde ettikleri üstünlük,21 Kâbe"yi çıplak olarak tavaf eden câhiliye insanlarına karşı kendilerine elbiseyle tavaf yapma veya uygun gördüklerine ödünç elbise vererek örtünmelerine fırsat verme ayrıcalığı sağlamıştır.22 Câhiliye döneminde gerek uluslararası alanda ve gerekse Arap kabileleri arasında Kureyş"e sağlanan imtiyazların farkında olan insanlar, Kureyş sûresini daha kolay anlayacaklardır.

Hz. İbrâhim ve Hz. İsmâil"e verilen, “Evimi tertemiz tutun.” 23 talimatıyla birlikte başlayan Kâbe hizmetleri, Hz. Peygamber"in dedelerinden Kusay b. Kilâb zamanında Kureyş"e geçmiştir. Huzâa kabilesini Mekke"den çıkaran Kusay, hacıların su ihtiyacının karşılanması, Kâbe"nin örtüsüyle ilgilenme ve anahtarlarını elinde bulundurma, Kâbe"nin bakım ve onarımı, yoksul hacılara gıda temini gibi şeref ve saygınlık ifade eden vazifeleri Kureyş"in uhdesinde toplamıştır.24

İnsanlar için kurulan ilk mabet olduğu Kur"an"da açıkça ifade edilen Kâbe,25 rivayetlere göre, Hz. âdem veya oğlu Hz. Şit tarafından bina edilmiştir.26 Zamanla tahrip olan Kâbe"nin duvarları aşınmış, hatta bazen sel gibi doğal afetler yüzünden yerle bir olmuştur. Bu nedenle Kâbe, tarihin farklı dönemlerinde zaman zaman yeniden yapılmış veya kısmî tadilatlar görmüştür. Söz gelimi amcası Abbâs"la birlikte Hz. Peygamber"in de bilfiil çalıştığı Kureyş"in Kâbe"yi inşası, miladî 605 yılına denk gelir. Kâbe"de bulunan buhurdanlıktan sıçrayan kıvılcımdan içerideki örtü tutuşmuş, dolayısıyla çıkan yangında Kâbe tamir görmesi gerekecek şekilde tahrip olmuştu.27 öte yandan Kâbe"nin içindeki Hz. İbrâhim"den kalan kuyuda saklanan altın ve mücevherler, Huzâa kabilesinden Müleyh b. Amroğulları"nın azatlı kölesi Düveyk tarafından çalınmıştı. Bu nedenle Kureyşliler Kâbe"yi onarırken üzerini de tavanla örtmek istiyorlardı.28

Kureyş"in Kâbe"yi onarmayı düşündüğü bu dönemde bir kaza meydana geldi. Söz konusu kazada Rum tüccarlardan birine ait olan inşaat malzemesi taşıyan bir gemi, şiddetli rüzgâr nedeniyle Mekke"nin Şuaybe ismi verilen limanına doğru sürüklenmiş ve karaya çarparak parçalanmıştı.29 Geminin karaya oturduğu ve parçalandığı haberi kendilerine ulaşınca, yanına birilerini alan Velîd b. Muğîre kaza mahalline gitti ve tahtaları satın

    

Dipnotlar

20 Kureyş, 106/1-4.

لِا۪يلَافِ قُرَيْشٍۙ ﴿1﴾ ا۪يلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَٓاءِ وَالصَّيْفِۚ ﴿2﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هٰذَا الْبَيْتِۙ ﴿3﴾ اَلَّذ۪ٓي اَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَاٰمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴿4﴾

21 İŞ4/343 İbn Battal, Şerh, IV, 343.

وقَالَ عُرْوَةُ : كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إِلا الْحُمْسَ ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ ، وَكَانَتِ الْحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ ، يُعْطِى الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا ، وَتُعْطِى الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا ، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الْحُمْسُ ، طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا ، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ ، وَيُفِيضُ الْحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ ، قَالَ : وَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى الْحُمْسِ : ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ) [ البقرة : 199 ] ، قَالَ : كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ ، فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ . قال المهلب : إنما كان وقوف قريش وهم الحُمس عند المشعر الحرام من أجل أنها كانت عزتهافى الجاهلية بالحرم ، وسكناها فيه ، وتقول : نحن جيران الله ، فكانوا لا يرون الخروج عنه إلى الحل عند وقوفهم فى الحج ، ويقولون : لا نفارق عزنا ، وما حرم الله به أموالنا ودماءنا ، وكانت طوائف العرب تقف فى موقف إبراهيم عليه السلام من عرفة ، وكان وقوف النبى عليه السلام مع طوائف العرب بعرفة ليدعوهم إلى الإسلام ، وما افترض الله عليه من تبليغ الدعوة ، وإفشاء الرسالة ، وأمر الناس كلهم بالإفاضة من حيث أفاض الناس من عرفة . وقال إسماعيل بن إسحاق : قال الضحاك : الناس فى هذه الآية هو إبراهيم عليه السلام . وقال الطحاوى : قال تعالى : ( فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) [ البقرة : 198 ] الآية . فكان ظاهر الآية على أن الإفاضة الأولى من عرفة ، وعلى أن الإفاضة الثانية

22 B1665 Buhârî, Hac, 91.

حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِى الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ عُرْوَةُ كَانَ النَّاسُ يَطُوفُونَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ عُرَاةً إِلاَّ الْحُمْسَ ، وَالْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَا وَلَدَتْ ، وَكَانَتِ الْحُمْسُ يَحْتَسِبُونَ عَلَى النَّاسِ يُعْطِى الرَّجُلُ الرَّجُلَ الثِّيَابَ يَطُوفُ فِيهَا ، وَتُعْطِى الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ الثِّيَابَ تَطُوفُ فِيهَا ، فَمَنْ لَمْ يُعْطِهِ الْحُمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا ، وَكَانَ يُفِيضُ جَمَاعَةُ النَّاسِ مِنْ عَرَفَاتٍ ، وَيُفِيضُ الْحُمْسُ مِنْ جَمْعٍ . قَالَ وَأَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى الْحُمْسِ ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ) قَالَ كَانُوا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ فَدُفِعُوا إِلَى عَرَفَاتٍ .

23 Bakara, 2/125.

وَاِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَاَمْنًاۜ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ اِبْرٰه۪يمَ مُصَلًّىۜ وَعَهِدْنَٓا اِلٰٓى اِبْرٰه۪يمَ وَاِسْمٰع۪يلَ اَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّٓائِف۪ينَ وَالْعَاكِف۪ينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴿125﴾

24 “Kâbe”, DİA, XXIV, 19.

25 Âl-i İmrân, 3/96.

اِنَّ اَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذ۪ي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَم۪ينَۚ ﴿96﴾

26 UE1/77 İbn Seyyidünnâs, Uyûnü’l-eser, 1/77.

أبى خبيب بشئ فهدمها وبناها على ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من بنائها جاءه الحارث بن أبى ربيعة المعروف بالقباع وهو أخو عمر بن أبى ربيعة الشاعر ومعه رجل آخر فحدثاه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث المتقدم فندم وجعل ينكث في الارض بمخصرة في يده ويقول وددت أنى تركت أبا خبيب وما تحمل من ذلك. فهذه المرة الخامسة. فلما قام أبو جعفر المنصور أراد أن يبنيها على ما بناها ابن الزبير وشاور في ذلك فقال له مالك بن أنس أنشدك الله يا أمير المؤمنين وأن تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس فصرفه عن رأيه فيه. وقد قيل إنه نبى في أيام جرهم مرة أو مرتين لان السيل كان قد صدع حائطه ولم يكن ذلك بنيانا وإنما كان صلاحا لما وهى منه وجدارا يبنى بينه وبين السيل بناه عامر الجادر. وكانت الكعبة قبل ان يبنيها شيث عليه السلام خيمة من ياقوتة حمراء يطوف بها آدم ويأنس بها لانها أنزلت إليه من الجنة وكان قد حج إلى موضعها من الهند. وقد قيل أيضا إن آدم هو أول من بناها. ذكره ابن اسحق في غير رواية البكائى. وفى الخبر أن موضعها كان غثاءة على الماء قبل ان يخلق الله السموات والارض فلما بدأ الله يخلق الاشياء خلق التربة قبل السماء فلما خلق السماء وقضاهن سبع سموات دحى الارض أي بسطها وذلك قوله سبحانه وتعالى (والارض بعد ذلك دحاها) وإنما دحاها من تحت مكة ولذلك سميت أم القرى. وفى التفسير أن الله سبحانه حين قال للسموات والارض (ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) لم يجبه بهذه المقالة إلا أرض الحرم فلذلك حرمها. وفى الحديث أن الله حرم مكة قبل أن يخلق السموات والارض الحديث.

27 MA9718 Abdürrezzâk, Musannef, V, 313.

عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : إن أول ما ذكر من عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا خرجت من الحرم فارة من أصحاب الفيل ، وهو غلام شاب ، فقل : والله أخرج من حرم الله أبتغي العز (2) في غيره ، فجلس عند البيت ، وأجلت عنه (3) قريش ، فقال : اللهم (4) إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك لا يغلبن صليبهم ومحا لهم (1) غدوا محالك (2) فلم يزل ثابتا ، حتى أهلك الله تبارك وتعالى الفيل وأصحابه ، فرجعت قريش ، وقد عظم فيهم بصبره (3) وتعظيمه محارم الله ، فبينا هو (4) على ذلك ولد له أكبر بنيه ، فأدرك ، وهو الحارث بن عبد المطلب ، فأتي عبد المطلب في المنام فقيل (5) له : احفر زمزم ، خبيئة (6) الشيخ الاعظم ، قال : فاستيقظ ، فقال : اللهم بين لي ، فأري في المنام مرة أخرى : احفر زمزم تكتم (7) بين الفرث والدم ، في مبحث الغراب ، في قرية النمل (8) ، مستقبلة الانصاب الحمر (9) ، قال : فقام عبد المطلب ، فمشى ، حتى جلس في المسجد الحرام ينظر ماخبئ (10) له من الآيات ، فنحرت بقرة بالحزورة ، فأفلتت (11) من جازرها بحشاشة نفسها ، حتى غلبها الموت في المسجد ، في موضع زمزم ، فجزرت تلك البقرة في مكانها ، حتى احتمل لحمها ، فأقبل غراب يهوي حتى وقع في الفرث ، فبحث في (1) قرية النمل (2) ، فقام عبد المطلب يحفر هنالك ، فجاءته قريش ، فقالوا لعبد المطلب : ما هذا الصنيع ؟ لم نكن نزنك (3) بالجهل ، لم تحفر في مسجدنا ؟ فقال عبد المطلب : إني لحافر هذه البئر ، ومجاهد من صدني عنها ، فطفق يحفر هو وابنه الحارث ، وليس له يومئذ ولد غيره ، فيسعى عليهما ناس من قريش ، فينازعونهما ، ويقاتلونهما ، وينهى عنه الناس من قريش ، لما يعلمون من عتق (4) نسبه ، وصدقه ، واجتهاده في دينه يومئذ ، حتى إذ أمكن الحفر ، واشتد عليه الاذى ، نذر إن وفي له بعشرة من الولدان ينحر أحدهم ، ثم حفر حتى أدرك سيوفا دفنت في زمزم ، فلما رأت قريش أنه قد أدرك السيوف ، فقالوا (5) لعبد المطلب : أحذنا (6) مما وجدت ، فقال عبد المطلب : بل هذه السيوف لبيت الله ، ثم حفر حتى أنبط الماء ، فحفرها في القرار (1) ثم بحرها (2) حتى لا تنزف (3) ، ثم بنى عليها حوضا ، وطفق هو وابنه ينزعان ، فيملان ذلك الحوض ، فيشرب منه الحاج ، فيكسره ناس من حسدة قريش بالليل ، ويصلحه عبد المطلب حين يصبح ، فلما أكثروا إفساده ، دعا عبد المطلب ربه ، فأري في المنام ، فقيل له : قل : اللهم إني لاأحلها لمغتسل ، ولكن هي لشارب حل وبل ، ثم كفيتهم ، فقام عبد المطلب حين أجفلت (4) قريش بالمسجد ، فنادى بالذي أري ، ثم انصرف ، فلم يكن يفسد عليه حوضه أحد من قريش إلا رمي بداء في جسده ، حتى تركوا له حوضه ذلك ، وسقايته (5) ، ثم تزوج عبد المطلب النساء ، فولد له عشرة رهط ، فقال : اللهم إني كنت نذرت لك نحر أحدهم ، وإني أقرع بينهم ، فأصب بذلك من شئت ، فأقرع بينهم ، فصارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب ، وكان أحب ولده إليه ، فقال : اللهم هو أحب إليك أو مئة من الابل ؟ قال : ثم أقرع بينه وبين مئة من الابل ،فصارت القرعة على مئة من الابل ، فنحرها عبد المطلب (1) ، مكان عبد الله ، وكان عبد الله أحسن رجل رئي في قريش قط ، فخرج يوما على نساء من قريش مجتمعات ، فقالت امرأة منهن : يا نساء قريش ؟ أيتكن يتزوجها هذا الفتى فنصطت (2) النور الذي بين عينيه ، - قال : [ وكان ] (3) بين عينيه نور (4) - فتزوجته (5) آمنة ابنة وهب ابن عبد مناف بن زهرة فجمعها ، فالتقت (6) ، فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بعث عبد المطلب عبد الله بن عبد المطلب يمتار له (7) تمرا من يثرب ، فتوفي عبد الله بها ، وولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان في حجر عبد المطلب ، فاسترضعه امرأة من بني سعد بن بكر ، فنزلت به التي ترضعه سوق عكاظ ، فرآه كاهن من الكهان ، فقال : يا أهل عكاظ ! اقتلوا هذا الغلام ، فإن له ملكا ، فراعت (8) به أمه التي ترضعه ، فنجاه الله ، ثم شب عندها ، حتى إذا سعى وأخته من الرضاعة تحضنه ، فجاءته (2) أخته من أمه التي ترضعه فقالت : أي أمتاه ! إني رأيت رهطا أخذوا أخي آنفا ، فشقوا بطنه ، فقامت أمه التي ترضعه فزعة ، حتى أتته ، فإذا هو جالس منتقعا (1) لونه ، لا ترى عنده أحدا ، فارتحلت به ، حتى أقدمته على أمه ، فقالت لها : اقبضي عني ابنك ، فإني قد خشيت عليه ، فقالت أمه : لا والله ، ما بابني [ ما ] (2) تخافين ، لقد رأيت وهوفي بطني أنه خرج نور مني أضاءت منه قصور الشام ، ولقد ولدته حين ولدته فخر معتمدا على يديه ، رافعا رأسه إلى السماء ، فافتصلته (3) أمه وجده عبد المطلب ، ثم توفيت أمه ، فهم (4) في حجر جده ، فكان - وهو غلام - يأتي وسادة جده ، فيجلس عليها ، فيخرج جده وقد كبر ، فتقول الجارية التي تقوده : انزل عن وسادة جدك ، فيقول عبد المطلب ، دعي ابني فإنه محسن بخير ، ثم توفي جده ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم غلام ، فكفله أبو طالب ، وهو أخو عبد الله لابيه وأمه ، فلما ناهز الحلم ، ارتحل به أبو طالب تاجرا قبل الشام ، فلما نزلا تيماء رآه حبر من يهود تميم (5) ، فقال لابي طالب : ماهذا الغلام منك ؟ فقال : هو ابن أخي ، قال له : أشفيق أنت عليه ؟ قال : نعم ، قال : فوالله لئن قدمت به إلى الشام لا تصل به إلى أهلك أبدا ، ليقتلنه ، إن هذا عدوهم ، فرجع أبو طالب من تيماء (6) إلى مكة. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم ، أجمرت امرأة الكعبة ، فطارت شرارة من مجمرها في ثياب الكعبة ، فأحرقتها ، ووهت ، فتشاورت قريش في هدمها ، وهابوا هدمها ، فقال لهم الوليد بن المغيره : ما تريدون بهدمها ؟ الاصلاح تريدون أم الاساءة ؟ فقالوا : بل الاصلاح ، قال : فإن الله لا يهلك المصلح ، قالوا : فمن الذي يعلوها ، فيهدمها ؟ قال الوليد : أنا أعلوها ، فأهدمها ، فارتقى الوليد بن المغيرة على ظهر البيت ، ومعه الفأس ، فقال : اللهم إنا لا نريد إلا الاصلاح ، ثم هدم ، فلما رأته قريش قد هدم منها ، و لم يأتهم ما خافوا من العذاب ، هدموا معه ، حتى إذا بنوها ، فبلغوا موضع الركن ، اختصمت (1) قريش في الركن ، أي القبائل ترفعه ؟ حتى كاد يشجر بينهم ، فقالوا : تعالوا نحكم أول من يطلع علينا من هذه السكة (2) ، فاصطلحوا على ذلك ، فطلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو غلام عليه وشاح نمرة ، فحكموه ، فأمر بالركن ، فوضع في ثوب ، ثم أمر بسيد كل قبيلة ، فأعطاه بناحية الثوب ، ثم ارتقى ، ورفعوا إليه الركن ، فكان هو يضعه (3). ثم طفق لا يزداد فيهم يمر (4) السنين إلا رضى ، حتى سموه الامين ، قبل أن ينزل عليه الوحي ، ثم طفقوا لا ينحرون جزورا لبيع ، إلا دروه (5) فيدعو لهم فيها. فلما استوى وبلغ أشده ، وليس له كثير مال ، استأجرته خديجة ابنه خويلد ، إلى سوق حباشة (1) - وهو سوق بتهامة - واستأجرت معه رجلا آخر من قريش ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عنها : ما رأيت من صاحبة أجير خيرا من خديجة ، ماكنا نرجع أنا وصاحبي إلا وجدنا عندها تحفة من طعام تخبئه لنا ، قال : فلما رجعنا من سوق حباشة - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قلت لصاحبي : انطلق بنا نحدث (2) عند خديجة ، قال : فجئناها ، فبينا نحن عندها ، إذ دخلت علينا منتشية (3) من مولدات قريش - والمنتشية : الناهد التي تشتهي الرجل - قالت : أمحمد هذا ؟ والذي يحلف به إن جاء لخاطبا ، فقلت : كلا ، فلما خرجنا (4) أنا وصاحبي ، قال : أمن خطبة خديجة تستحي ؟ فوالله ما من قرشية إلا تراك لها كفوا ، قال : فرجعت إليها مرة أخرى ، فدخلت علينا تلك المنتشية ، فقالت : أمحمد هذا ؟ والذي يحلف به إن جاء لخاطبا ، قال : قلت على حياء : أجل ، قال : فلم تعصنا خديجة ولا أختها ، فانطلقت إلى أبيها خويلد بن أسد - وهو ثمل (5) من الشراب - فقالت : هذا ابن أخيك محمد بن عبد الله يخطب خديجة ، وقد رضيت خديجة ، فدعاه ، فسأله عن ذلك ، فخطب إليه ، فأنكحه ، قال : فخلقت خديجة ، وحلت عليه حلة ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، فلما أصبح صحا الشيخ من سكره ، فقال : ما هذا الخلوق ؟ وما هذه الحلة ؟ قالت أخت خديجة : هذه حلة كساك ابن أخيك محمد بن عبد الله ، أنكحته خديجة ، وقد بنى بها ، فأنكر الشيخ ، ثم سلم إلى أن صار ذلك واستحيى ، وطفقت رجاز من رجاز قريش تقول : لا تزهدي خديج في محمد جلد يضئ كضياء الفرقد فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خديجة حتى ولدت له بعض بناته ، وكان لها وله القاسم. وقد زعم بعض العلماء أنها ولدت له غلاما آخر يسمى الطاهر ، قال : وقال بعضهم : ما نعلمها ولدت له إلا القاسم ، وولدت له بناته الاربع : زينب ، وفاطمة ، ورقية ، وأم كلثوم ، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما ولدت له بعض بناته يتحنث (1) وحبب إليه الخلاء.

28 HS2/13 İbn Hişâm, Sîret, II, 13-14.

حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر سبب هذا البنيان قال ابن اسحاق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة وكانوا يهمون (s.13) بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها وذلك أن نفرا سرقوا كنزا للكعبة وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة وكان الذي وجد عنده الكنر دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة قال ابن هشام فقطعت قريش يده وتزعم قريش أن الذين سرقوه وضعوه عند دويك وكان البحر قد رمى بسفينة الى جده لرجل من تجار الروم فتحطمت فأخذوا خشبها فأعدوه لتسقيفها وكان بمكة رجل قبطي نجار فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحه وكانت حية تخرج من بئر الكعبة التي كان يطرح فيها ما يهدى لها كل يوم فتتشرق على جدار الكعبة وكانت مما يهابون وذلك أنه كان لا يدنو منها أحد إلا اجزألت وكشت وفتحت فاها وكانوا يهابونها فبينما هي ذات يوم تتشرق على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله إليها طائرا (s.14)

29 BH1/233 Halebî, es-Sîretü’l-Halebiyye, I, 233.

أي وفي السيرة الشامية أن ذلك وجد مكتوبا في حجر في الكعبة وفي كلام بعضهم وجدوا حجرا فيه ثلاثة أسطر الأول أنا الله ذو بكة صنعتها يوم صنعت الشمس والقمر إلى آخره وفي الثاني أنا الله ذو بكة خلقت الرحم وشققت لها إسما من إسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته وفي الثالث أنا الله ذوبكة خلقت الخير والشر فطوبى لمن كان الخير على يديه وويل لمن كان الشر على يديه قال ابن المحدث ورأيت في مجموع أنه وجد بها حجر مكتوب عليه أنا الله ذو بكة مفقر الزناة ومعرى تارك الصلاة أرخصها والأقوات فارغة وأغليها والأقوات ملآنة أي فارغ محلها وملآن محلها هذا كلامه وقد يقال لا مانع من أن يكون ذلك حجرا آخر أو يكون هو ذلك الحجر وما ذكر مكتوب في محل آخر منه أي وفي الإصابة عن الأسود بن عبد يغوث عن أبيه أنهم وجدوا كتابا بأسفل المقام فدعت قريش رجلا من حمير فقال إن فيه لحرفا لو حدثتكموه لقتلتموني قال وظننا أن فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم فكتمناه وكان البحر قد رمى بسفينة إلى ساحل جدة أي الذي به جدة الآن وكان ساحل مكة قبل ذلك الذي يرمى به السفن يقال له الشعيبية بضم الشين فلا يخالف قول غير واحد فلما كانت السفينة بالشعيبية ساحل مكة انكسرت وفي لفظ حبسها الريح وتلك السفينة كانت لرجل من تجار الروم اسمه باقوم وكان بانيا وقيل كانت تلك السفينة لقيصر ملك الروم يحمل له فيها الرخام والخشب والحديد سرحها مع باقوم إلى الكنيسة التي حرقها الفرس بالحبشة فلما بلغت مرساها من جدة وقيل من الشعيبية بعث الله تعالى عليها ريحا فحطمها أي كسرها فخرج الوليد بن المغيرة في نفر من قريش إلى السفينة فابتاعوا خشبها فأعدوه لسقف الكعبة وقيل هابوا هدمها من أجل تلك الحية العظيمة فكانوا كلما أرادوا القرب منه أي البيت ليهدموه بدت لهم تلك الحية فاتحة فاها فبينا هي ذات يوم تشرف على جدار الكعبة كما كانت تصنع بعث الله طائرا أعظم من النسر فاختطفها وألقاها في الحجون فالتقمتها الأرض قيل وهي الدابة التي تكلم الناس يوم القيامة وقد جاء أن الدابة تخرج من شعب أجياد وفي حديث أن موسى عليه الصلاة والسلام سأل ربه أن يريه الدابة التي تكلم