Hadislerle İslâm Cilt 6 Sayfa 220

Ağırbaşlıydı. Gözlerinin siyahı ve beyazı belirgindi. Kirpikleri uzundu.”3 Tok sesliydi. Kaşları ince ve uzundu, bitişikti. Saçları simsiyahtı. Uzun boyunluydu. Gür sakallıydı. Sustuğunda vakur duruyordu. Konuştuğunda ise doğruluyordu (böylece bir asalet ortaya çıkıyordu). Tane tane konuşurdu. Konuşması o kadar tatlıydı ki kelimeler ağzından inciler gibi dökülüyordu. Konuşması net ve açıktı, ne uzatır ne de kısa keserdi. Uzaktan bakıldığında da insanların en güzeli ve en sevimlisiydi; yakından bakıldığında da tatlı ve hoş bir görünümü vardı. Orta boyluydu; göze batacak ve rahatsız edecek kadar uzun ve kısa değildi. Öyle ki iki dalın arasındaki bir dal gibiydi. Orada bulunan üç kişi arasında en aydın yüzlü ve kadri en yüksek olanıydı. Etrafında pervane gibi dönen dostları vardı. O bir şey dediğinde kendisini dinliyorlar, bir şey emrettiğinde derhâl yerine getiriyorlardı. (Belli ki) İnsanların etrafını kuşattığı ve hizmet ettikleri biriydi. Onun yaptıkları da söyledikleri de boş ve anlamsız değildi.4

Hiç şüphesiz Sevgili Peygamberimizi (sav) en iyi vasfedenlerden biri üvey oğlu Hind b. Ebû Hâle"dir. Hind, Hz. Hatice"nin, eski eşi Ebû Hâle Mâlik b. Zürâre"den olma oğludur.5 Abdullah b. Abbâs bir gün kendisine, “Resûlullah"ı bize tasvir et, zira muhtemelen aramızda onu en iyi bilen sensin.” deyince Hind, “Anam babam ona feda olsun!” dedikten sonra şöyle devam eder:

“Resûlullah (sav), genelde sessizdi; daima düşünceli ve hüzünlüydü. Az ve öz konuşurdu. Uzatmazdı, kısa da kesmezdi. Konuştuklarını (gerektiğinde) tekrarlardı. Öğüt verdiğinde ciddi dururdu, kederlenirdi. Kendisine karşı çıkıldığında yüz çevirir giderdi, ashâbıyla konuşarak rahatlardı. Nimet az bile olsa olsa ona saygı gösterirdi. Hiçbir yiyeceği kötümsemezdi. Tebessüm ederek güler ve güldüğünde (bembeyaz dişleri) dolu tanesi gibi (gözükürdü).”6

Abdullah b. Abbâs"ın yanı sıra Hz. Hatice"nin oğlu Hind"den Hz. Peygamber"i tasvir etmesini isteyen bir başka sahâbî de Hz. Hasan"dır. O, Allah Resûlü"nü en iyi bir biçimde tasvir eden şahıs (vassâf) olarak nitelenen dayısı Hind"den Hz. Peygamber"in (sav) hilkatini, şekil ve şemâilini (hilyesini) tasvir etmesini istediğinde şu cevabı almıştır:

“Resûlullah (sav) bakışlarıyla, dolgun yüzüyle heybetli bir görünüme sahipti. Yüzü dolunay gibi parıldıyordu... Saçı çözüldüğünde onu ayırır (yanlara salar)dı. Saçları çözülmediğinde kulak memelerini geçmezdi... Alnı genişti.

    

Dipnotlar

3 ŞM3485 Ebû Bekir eş-Şeybânî, el-Âhâd ve’l-mesânî, V, 631.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنَا حِزَامُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدِ بْنِ خُلَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْخُزَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ مَعْبَدٍ وَاسْمُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيَّةُ قَالَتْ : لَمَّا أَنْ هَاجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ ، وَخَرَجَ مِنْهَا يُرِيدُ الْمَدِينَةَ ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَمَوْلًى لأَبِي بَكْرٍ ، يُقَالُ لَهُ : عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الأُرَيْقِطِ اللَّيْثِيُّ دَلِيلُهُمْ ، فَمَرُّوا بِنَا ، فَدَخَلُوا خَيْمَتِي وَأَنَا مُخْتَبِئَةٌ بِفِنَاءِ خَيْمَتِي ، أَسْقِي ، وَأُطْعِمُ الْمَارِّينَ ، فَقَالَ : أَلا هَلْ مِنْ لَحْمٍ ، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِمْ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ ، فَرَدَّهَا ، وَبَعَثْتُ إِلَيْهِ بِعَنَاقِ جَذَعةٍ ، فَقَبِلَهَا ، وَقَالَ : إِنَّمَا رَدَدْنَا الشَّاةَ لأَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ تَمْرٍ ؟ فَقُلْتُ : لا وَاللَّهِ ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي مَا تَطْلُبُونَ ، مَا جَاوَزْتُمْ خَيْمَتِي ، (ص. 629) وَكَانُوا مُرْمِلِينَ ، مَجْهُودِينَ ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِذَا شَاةٌ بِالْفِنَاءِ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ فَقُلْتُ : شَاةٌ خَلَّفَهَا الرَّاعِي مِنَ الْجَهْدِ ، لَيْسَ بِهَا لَبَنٌ ، وَلا لَحْمٌ قَالَ : تَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَدْنُوَ مِنْهَا وَنَحْلِبُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حِلابًا ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ، ضَرْعَهَا ، وَقَالَ : بِسْمِ اللهِ ، وَدَعَا رَبَّهُ ، فَتَفاجَّتْ ، وَدَرَّتْ ، وَاجْتَرَتْ ، وَكُلِّفَتْ ، ثُمَّ دَعَا بِالإِنَاءِ ، فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ لَنَا ، إِذَا مَلأْنَاهُ يُرْبِضُ الرَّهْطَ ، فَحَلَبَ مِنْهَا ، حَتَّى امْتَلأَ ، وَتَدَفَّقَ ، فَسَقَانِي حَتَّى رُوِيتُ ، ثُمَّ سَقَى أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ رَجُلا رَجُلا مِمَّنْ مَعَهُ ، ثُمَّ شَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ ارْتَحَلَ وَارْتَحَلَ أَصْحَابُهُ عَنَّا ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْمَاءِ عَلَى الإِسْلامِ ، ثُمَّ جَاءَ زَوْجِي مِنَ الرَّعْيِ ، يَسُوقُ أَعْنُزًا لَنَا عِجَافًا ، (ص. 630) فَقَرَّبْتُ إِلَى زَوْجِي اللَّبَنَ ، وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَخْبَرْتُهُ بِبَرَكَتِهِ ، فَقَالَ : صِفِيهِ لِي ، قُلْتُ : نَعَمْ ، رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الْخُلُقِ ، بَسَّامًا ، وَلَيْسَ نَحِيلا ، وَلا مُدْلِمًا ، وَلا مُطْهَمًا ، أَبْيَضُ ، وَسِيمٍ ، ثَقِيلٌ ، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ ، أَهْدَبُ الأَشْفَارِ ، مُنْعَطِفٌ ، جَهِيرُ الصَّوْتِ ، كَأَنَّ عُنُقَهُ سَطْحُ قَمَرٍ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ ، مَقْرُونٌ ، إِذَا تَكَلَّمَ عَلاهُ الْبَهَاءُ ، وَإِذَا سَكَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ ، وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وَأَحْلَى النَّاسِ ، وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، شَهِيُّ الْمَنْطِقِ ، فَصْلٌ ، لا فُضُولٌ ، وَلا هَذْرَمَةٌ ، إِذَا تَكَلَّمَ نَظْمُ الدَّرِّ ، وَالْمَرْجَانِ ، لا نَزْرَ ، وَلا نُقْصَانَ ، رَجُلٌ فَوْقَ الرَّبْعَةِ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، أَنْظُرُ الثَّلاثَةِ ، وَأَطْرَاهُ ، أَحْسَنُهُمْ مَنْظَرًا ، (ص. 631)

4 ŞM3485 Ebû Bekir eş-Şeybânî, el-Âhâd ve’l-mesânî, V, 631

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ ، حَدَّثَنَا حِزَامُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ خَالِدِ بْنِ خُلَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْخُزَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أُخْتِهِ أُمِّ مَعْبَدٍ وَاسْمُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ خَالِدٍ الْخُزَاعِيَّةُ قَالَتْ : لَمَّا أَنْ هَاجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ ، وَخَرَجَ مِنْهَا يُرِيدُ الْمَدِينَةَ ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَمَوْلًى لأَبِي بَكْرٍ ، يُقَالُ لَهُ : عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الأُرَيْقِطِ اللَّيْثِيُّ دَلِيلُهُمْ ، فَمَرُّوا بِنَا ، فَدَخَلُوا خَيْمَتِي وَأَنَا مُخْتَبِئَةٌ بِفِنَاءِ خَيْمَتِي ، أَسْقِي ، وَأُطْعِمُ الْمَارِّينَ ، فَقَالَ : أَلا هَلْ مِنْ لَحْمٍ ، فَبَعَثْتُ إِلَيْهِمْ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ ، فَرَدَّهَا ، وَبَعَثْتُ إِلَيْهِ بِعَنَاقِ جَذَعةٍ ، فَقَبِلَهَا ، وَقَالَ : إِنَّمَا رَدَدْنَا الشَّاةَ لأَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ تَمْرٍ ؟ فَقُلْتُ : لا وَاللَّهِ ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي مَا تَطْلُبُونَ ، مَا جَاوَزْتُمْ خَيْمَتِي ، (ص. 629) وَكَانُوا مُرْمِلِينَ ، مَجْهُودِينَ ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِذَا شَاةٌ بِالْفِنَاءِ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ فَقُلْتُ : شَاةٌ خَلَّفَهَا الرَّاعِي مِنَ الْجَهْدِ ، لَيْسَ بِهَا لَبَنٌ ، وَلا لَحْمٌ قَالَ : تَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَدْنُوَ مِنْهَا وَنَحْلِبُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حِلابًا ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَسَحَ بِيَدِهِ ، ضَرْعَهَا ، وَقَالَ : بِسْمِ اللهِ ، وَدَعَا رَبَّهُ ، فَتَفاجَّتْ ، وَدَرَّتْ ، وَاجْتَرَتْ ، وَكُلِّفَتْ ، ثُمَّ دَعَا بِالإِنَاءِ ، فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ لَنَا ، إِذَا مَلأْنَاهُ يُرْبِضُ الرَّهْطَ ، فَحَلَبَ مِنْهَا ، حَتَّى امْتَلأَ ، وَتَدَفَّقَ ، فَسَقَانِي حَتَّى رُوِيتُ ، ثُمَّ سَقَى أَبَا بَكْرٍ ، ثُمَّ رَجُلا رَجُلا مِمَّنْ مَعَهُ ، ثُمَّ شَرِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ ارْتَحَلَ وَارْتَحَلَ أَصْحَابُهُ عَنَّا ، وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْمَاءِ عَلَى الإِسْلامِ ، ثُمَّ جَاءَ زَوْجِي مِنَ الرَّعْيِ ، يَسُوقُ أَعْنُزًا لَنَا عِجَافًا ، (ص. 630) فَقَرَّبْتُ إِلَى زَوْجِي اللَّبَنَ ، وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَخْبَرْتُهُ بِبَرَكَتِهِ ، فَقَالَ : صِفِيهِ لِي ، قُلْتُ : نَعَمْ ، رَجُلٌ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ ، أَبْلَجُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الْخُلُقِ ، بَسَّامًا ، وَلَيْسَ نَحِيلا ، وَلا مُدْلِمًا ، وَلا مُطْهَمًا ، أَبْيَضُ ، وَسِيمٍ ، ثَقِيلٌ ، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ ، أَهْدَبُ الأَشْفَارِ ، مُنْعَطِفٌ ، جَهِيرُ الصَّوْتِ ، كَأَنَّ عُنُقَهُ سَطْحُ قَمَرٍ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ ، مَقْرُونٌ ، إِذَا تَكَلَّمَ عَلاهُ الْبَهَاءُ ، وَإِذَا سَكَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ ، وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وَأَحْلَى النَّاسِ ، وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، شَهِيُّ الْمَنْطِقِ ، فَصْلٌ ، لا فُضُولٌ ، وَلا هَذْرَمَةٌ ، إِذَا تَكَلَّمَ نَظْمُ الدَّرِّ ، وَالْمَرْجَانِ ، لا نَزْرَ ، وَلا نُقْصَانَ ، رَجُلٌ فَوْقَ الرَّبْعَةِ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، أَنْظُرُ الثَّلاثَةِ ، وَأَطْرَاهُ ، أَحْسَنُهُمْ مَنْظَرًا ، (ص. 631) ST1/230 İbn Sa’d, Tabakât, I, 230-231 أخبرنا الحارث قال حدثني غير واحد من أصحابنا منهم محمد بن المثنى البزاز وغيره قالوا أخبرنا محمد بن بشر بن محمد الواسطي ويكنى أبا أحمد السكري أخبرنا عبد الملك بن وهب المذحجي عن الحر بن الصياح عن أبي معبد الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة جلدة برزة تحتبي وتقعد بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم فسألوها تمرا أو لحما يشترون فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وإذا القوم مرملون مسنتون فقالت والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى فنظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم فقال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال اللهم بارك لها في شاتها قال فتفاجت ودرت واجترت فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علبه الثمال فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب صلى الله عليه و سلم آخرهم وقالساقي القوم آخرهم فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى أراضوا ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيلا عجافا هزلى ما تساوق مخهن قليل لا نقي بهن فلما رأى اللبن عجب وقال من أين لكم هذا والشاة عازبة ولا حلوبة في البيت قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب صفيه لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج (ص. 230) الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صحل أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر في عنقه سطع وفي لحيته كثافة إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر أجهر الناس وأجمله من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب ربعة لا تشنوؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إذا قال استمعوا لقوله وإذا أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابث ولا مفند قال هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولو كنت وافقته يا أم معبد لألتمست أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا وأصبح صوت بمكة عاليا بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول وهو يقول ... جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد ... هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد ... فيال قصي ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا يجازي وسودد ... سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد ... دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له بصريح ضرة الشاة مزبد ... فغادره رهنا لديها لحالب ... تدر بها في مصدر ثم مورد وأصبح القوم قد فقدوا نبيهم وأخذوا على خيمتي أم معبد حتى لحقوا النبي صلى الله عليه و سلم قال فأجابه حسان بن ثابت فقال ... لقد خاب قوم غاب عنهم نبيهم ... وقدس من يسري إليهم ويغتدي ... ترحل عن قوم فزالت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد (ص. 231) MK3605 Taberânî, el-Mu’cemü’l-kebîr, IV, 48 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بن هَارُونَ الْحَمَّالُ ، وَعَلِيُّ بن سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى السَّاجِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بن مُحْرِزِ بن مَهْدِيِّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَمْرِو بن خُوَيْلِدِ بن حَلِيفِ بن مُنْقِذِ بن رَبِيعَةَ بن مَنْبَشِ بن حَرَامِ بن حَبَشِيَّةَ بن كَعْبِ بن عَمْرِو بن حَارِثَةَ بن ثَعْلَبَةَ بن الأَزْدِ أَبُو الْقَاسِمِ الْخُزَاعِيُّ ، ثُمَّ الرَّبْعِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي مُحْرِزُ بن مَهْدِيٍّ ، عَنْ حِزَامِ بن هِشَامِ بن خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ هِشَامِ بن حُبَيْشٍ ، عَنْ أَبِيهِ حُبَيْش بن خَالِدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ ، وَخَرَجَ مِنْهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَمَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، ودَلِيلُهُمَا اللَّيْثِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بن الأُرَيْقِطِ مَرُّوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ ، وَكَانَتْ بَرْزَةً جَلْدَةَ تَحْتَبِي بِفِنَاءِ الْقُبَّةِ ، ثُمَّ تَسْقِي وَتُطْعِمُ ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا ، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُسْنِتِينَ ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ ، فَقَالَ : " مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ " قَالَتْ : خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الْغَنَمِ ، قَالَ : " فَهَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ ؟ " , قَالَتْ : هِي أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : " أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلُبَهَا ؟ " , قَالَتْ : بَلَى بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ،نَعَمْ إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا ، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، " فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا لَهَا فِي شَاتِها ، فَتَفَاحَتْ عَلَيْهِ وَدَرَّتْ واجْتَرَّتْ ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يُرْبِضُ الرَّهْطَ فَحَلَبَ فِيهَا ثَجًّا حَتَّى عَلاهُ الْبَهَاءُ ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رُوِيَتْ ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا ، وَشَرِبَ آخِرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَاضُوا ثُمَّ حَلَبَ فِيهَا ثَانِيًا بَعْدَ بَدْءٍ حَتَّى مَلأَ الإِنَاءَ ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا ثُمَّ بَايَعَهَا وارْتَحَلُوا عَنْهَا " ، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ حَتَّى جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزْلا ضُحًى ، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ ، وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ؟ وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ ، وَلا حَلُوبةَ فِي الْبَيْتِ ؟ قَالَتْ : لا وَاللَّهِ إِلا أَنَّهُ مَرَّ بنا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ ، قَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلا ظَاهَرَ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجَ الْوَجْهِ حَسَنَ الْخَلْقِ لَمْ تَعِبْهُ ثُحْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ ، وَسِيمٌ ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَهَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ تَكَلَّمَ سَمَاهُ وَعَلاهُ الْبَهَاءُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبَهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وأَحْلاهُ وَأَحْسَنُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوُ الْمِنْطَقِ ، فَصْلٌ لا هَذِرٌ وَلا تَزِرٌ ، كَأَنَّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتٌ نَظْمٌ يَتَحَدَّرْنَ ، رَبْعٌ لا يَأْسَ مِنْ طُولٍ ، وَلا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَ بِهِ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِنْ أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لا عَابِسٌ وَلا مُفَنَّدٌ ، قَالَ أَبُو مَعْبَدٍ : هُوَ وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي ذُكِرَ لَنَا أَمْرُهُ مَا ذُكِرُ بِمَكَّةَ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ وَلأَفْعَلَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا ، فَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَلِيًّا يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلا يَدْرُونَ مَنْ صَاحِبُهُ ، وَهُوَ يَقُولُ : جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ رَفِيقَيْنِ قَالا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ هُمَا نَزَلاها بِالْهُدَى وَاهْتَدَتْ بِهِ فَقَدْ فَازَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَا لِقُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ بِهِ مِنْ فَعَالٍ لا تُجَارَى وَسُؤْدَدِ لِيَهِنْ بني كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ عَلَيْهِ صَرِيحًا ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ فَغَادَرَهَا رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ يُرَدِّدُهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ ، فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ بن ثَابِتٍ بِذَلِكَ شَبَّبَ يُجِيبُ الْهاتِفَ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زَالَ عَنْهُمْ نَبِيُّهِمْ وَقُدِّسَ مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَضَلَّتْ عُقُولُهُمْ وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بنورٍ مُجَدَّدِ هَدَاهُمْ بِهِ بَعْدَ الضَّلالَةِ رَبُّهُمْ وَأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الْحَقَّ يُرْشَدِ وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا عِمَايَتَهُمْ هَادٍ بِهِ كُلَّ مُهْتَدِ وَقَدْ نَزَلَتْ مِنْهُ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ رِكَابُ هُدًى حَلَّتْ عَلَيْهِمْ بِأَسْعُدِ نَبِيٌّ يَرَى مَا لا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ بِصُحْبَتِهِ مَنْ يُسْعِدِ اللَّهُ يَسْعَدِ لِيَهْنِ بني كَعْبٍ مَكَانُ فَتَاتِهِمْ وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ زَادَ مُوسَى بن هَارُونَ فِي حَدِيثِهِ ، قَالَ : وَحَدَّثَنَاهُ مُجَاهِدُ بن مُوسَى ، عَنْ مُكْرَمٍ ، فَقَالَ لَنَا : " لَمْ تُعِبْهُ ثُحْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَقَلَةٌ " ، وَالصَّوَابُ ثَجَلَةٌ وَصَعَلَةٌ الثَّجْلَةُ : كِبَرُ الْبَطْنِ ، وَالصَّعْلَةُ : صِغَرُ الرَّأْسِ ، يُرِيدُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ كَبِيرَ الْبَطْنِ وَلا صَغِيرَ الرَّأْسِ ، وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ : " فِي أَشْفَارِهِ عَطَفٌ وَفِي صَوْتِهِ ضَهَلٌ " ، وَقَالَ لَنَا مُجَاهِدٌ ، عَنْ مُكْرَمٍ : " فِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ فِي صَوْتِهِ صَحَلٌ " ، وَالصَّوَابُ وَطَفٌ : وَهُوَ الطُّولُ ، وَالصَّوَابُ صَحَلٌ : وَهِي الْبَحَّةُ ، وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ : " لا يَأْسَ مِنْ طُولٍ " ، وَالصَّوَابُ " لا يَتَشَنَّا مِنْ طُولٍ " ، وَقَالَ لَنَا مُكْرَمٌ : " وَلا عَابِسٌ وَلا مُعْتَدٍ " ، وَقَالَ لَنَا مُجَاهِدٌ ، عَنْ مُكْرَمٍ : " لا عَابِسٌ وَلا مُفَنَّدٌ " ، يَعْنِي : لا عَابِسٌ وَلا مُكَذَّبٌ. NM4274 Hâkim, Müstedrek, V, 1604 (3/10). حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بنى عمرة الأخمسي بالكوفة ثنا الحسين بن حميد بن الربيع الخزاز حدثنا سليمان بن الحكم بن أيوب بن سليمان بن ثابت بن بشار الخزاعي ثنا أخي أيوب بن الحكم و سالم بن محمد الخزاعي جميعا عن حزام بن هشام عن أبيه هشام بن حبيش بن خويلد صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة و أبو بكر رضي الله عنه و مولى أبي بكر عامر بن فهيرة و دليلهما الليثي عبد الله بن أريقط مروا على خيمتي ام معبد الخزاعية و كانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ثم تسقي و تطعم فسألوها لحما و تمرا ليشتروا منها فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك و كان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم قال : هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك قال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت : بأبي أنت و أمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فمسح بيده ضرعها و سمى الله تعالى و دعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت فاجترت فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت و سقى أصحابه حتى رووا و شرب آخرهم حتى أراضوا ثم حلب فيه الثانية على هدة حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها ثم بايعها و ارتحلوا عنها فقل ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد ليسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن أعجبه قال : من أين لك هذا يا أم معبد و الشاء عازب حائل و لا حلوب في البيت ؟ قالت : لا و الله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا و كذا قال : صفيه لي يا أم معبد قالت : رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ابلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة و لم تزريه صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج و في أشفاره وطف و في صوته صهل و في عنقه سطع و في لحيته كثاثة أزج أقرن إن صمت فعليه الوقار و إن تكلم سماه و علاه البهاء أجمل الناس و أبهاه من بعيد و أحسنه و أجمله من قريب حلو المنطق فصلا لا نزر و لا هذر كأن منطقه خرازات نظم يتحدرن ربعة لا تشنأه من طول و لا تقتحمه عين من قصر غضن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا و أحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به أن قال سمعوا لقوله و إن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس و لا منفذ قال أبو معبد : هذا و الله صاحب قريش الذي ذكرنا لنا من أمر ما ذكر و لقد هممت أن أصحبه و لأفعلهن إن وجدت إلى ذلك سبيلا و أصبح صوت بمكة عاليا يسمعون الصوت و لا يدرون من صاحبه و هو يقول : ( جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد ) ( هما نزلاها بالهدى و اهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد ) ( فيال قصي ما زوى الله عنكم به من فعال لا تجازى و سودد ) ( ليهن أبا بكر سعادة جده بصحبته من يسعد الله يسعد ) ( و ليهن بني كعب مقام فتاتهم و مقعدها للمؤمنين بمرصد ) ( سلوا أختكم عن شاتها و إنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد ) ( دعاها بشاة حائل فتحلبت عليهن صريحا ضرة الشاة مزبد ) ( فغادره رهنا لديها لحالب يرددها في مصدر بعد مورد ) فلما سمع حسان الهاتف بذلك شبب يجاوب الهاتف فقال : ( لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم و قدس من يسري اليهم و يغتدي ) ( ترحل عن قوم فضلت عقولهم و حل على قوم بنور مجدد ) ( هداهم به بعد الضلالة ربهم فأرشدهم من يتبع الحث يرشد ) ( و هل يستوي ضلال قوم تسفهوا عمى و هداة يهتدون بمهند ) ( و قد نزلت منه على أهل يثرب ركاب هدى حلت عليهم بأسعد ) ( نبي يرى ما لا يرى الناس حوله و يتلو كتاب الله في كل مشهد ) ( و إن قال في يوم مقالة غائب فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد ) هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و يستدل على صحته و صدق رولته بدلائل فمنها : نزول المصطفى صلى الله عليه و سلم بالخيمتين متواترا في أخبار صحيحة ذوات عدد و منها : أن الذين ساقوا الحديث على وجهه أهل الخيمتين من الأعاريب الذين لا يتهمون بوضع الحديث و الزيادة و النقصان و قد أخذوه لفظا بعد لفظ عن أبي معبد و أم معبد و منها : أن له أسانيد كالأخذ باليد أخذ الولد عن أبيه و الأب عن جده لا إرسال و لا وهن في الرواة و منها : أن الحر بن الصباح النخعي أخذه عن أبي معبد كما أخذه ولده عنه فأما الإسناد الذي رويناه بسياقة الحديث عن الكعبيين فإنه إسناد صحيح عال للعرب الأعاربة و قد علونا في حديث الحر بن الصباح هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و يستدل على صحته و صدق رواته بدلائل فمنها : أن الذين ساقوا الحديث على وجهه أهل الخيمتين من الأعاريب الذين لا يتهمون بوضع الحديث و الزيارة و النقصان و قد أخذوه لفظا بعد لفظ عن أبي معبد و أم معبد و منها : أن له أسانيد كالأخذ باليد أخذ الولد عن أبيه و الأب عن جده لا إرسال و لا و هن في الرواة و منها : أن الحر بن الصباح النخعي أخذه عن أبي معبد كما أخذه ولده عنه فأما الإسناد الذي رويناه بسياقه الحديث عن الكعبين فإنه إسناد صحيح عال للعرب الأعاربة و قد علونا في حديث الحر بن الصباح

5 BM6553 Ebû Nuaym, Ma’rifetü’s-sahâbe, V, 2751.

هِنْدُ بْنُ أَبِي هَالَةَ وَهُوَ هَالَةُ بْنُ النَّبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ وَقْدَانَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ غَوِيِّ بْنِ جَرْوَةَ بْنِ أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، أَحَدُ بَنِي أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، أُمُّهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَبِي هَالَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ هِنْدًا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنُهُ: هِنْدُ بْنُ هِنْدٍ، قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمَوْصِلِيُّ: اسْمُ أَبِي هَالَةَ مَالِكُ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ النَّبَّاشِ بْنِ زُرَارَةَ 6553 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً، ثنا عَلَيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: ثنا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ، بِمَكَّةَ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: " سَأَلْتُ خَالِي هِنْدَ [ص:2752] بْنَ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيَّ، وَكَانَ وَصَّافًا، عَنْ حِلْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا أَشْتَهِيَ أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا أَتَعَلَّقُ بِهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخْمًا مُفَخَّمًا، يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، أَطْوَلَ مِنَ الْمَرْبُوعِ، وَأَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، رَجِلَ الشَّعْرِ، إِنَّ انْفَرَقَتْ عَقِيصَتُهُ انْفَرَقَ، وَإِلَّا فَلَا يُجَاوِزُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِذَا هُوَ وَفَّرَهُ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ، وَاسِعَ الْجَبِينِ، أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ، سَوَابِغُ فِي غَيْرِ قَرَنٍ، بَيْنَهُمَا عِرْقٌ، يَدِرُّهُ الْغَضَبُ، أَقْنَى الْعِرْنِينِ، لَهُ نُورٌ يَعْلُوهُ، يَحْسِبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشُمَّ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، ضَلِيعَ الْفَمِ، أَشْنَبَ، مُفَلَّجَ الْأَسْنَانِ، دَقِيقَ الْمَسْرُبَةِ، كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ، مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ، بَادِنًا مُتَمَاسِكًا، سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ، عَرِيضَ الصَّدْرِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ، أَنْوَرَ الْمُتَجَرَّدِ، مَوْصُولَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالسُّرَّةِ بِشَعْرٍ يَجْرِي كَالْخَطِّ، عَارِيَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، أَشْعَرَ الذِّرَاعَيْنِ وَالْمِنْكَبَيْنِ وَأَعَالِي الصَّدْرِ، طَوِيلَ الزِّنْدَيْنِ، رَحْبَ الرَّاحَةِ، سَبِطَ الْقَصَبِ، شَثْنَ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، سَائِلَ الْأَطْرَافِ، خَمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ، مَسِيحَ الْقَدَمَيْنِ، يَنْبُو عَنْهُمَا الْمَاءُ، إِذَا زَالَ زَالَ قَلْعًا، يَخْطُو تَكَفُّؤًا، وَيَمْشِي هَوْنًا، ذَرِيعَ الْمِشْيَةِ، إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ جَمِيعًا، خَافِضَ الطَّرْفِ، نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَطْوَلُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، جُلُّ نَظَرِهِ الْمُلَاحَظَةُ، يَسُوقُ أَصْحَابَهُ، يَبْدُرُ مَنْ لَقِيَ بِالسَّلَامِ، قُلْتُ: صِفْ لِي مِنْطِقَهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ، دَائِمَ الْفِكْرَةِ، لَيْسَتْ لَهُ رَاحَةٌ، لَا يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، طَوِيلَ السُّكُوتِ، يَفْتَحُ الْكَلَامَ وَيَخْتِمُهُ بِأَشْدَاقِهِ، وَيَتَكَلَّمُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَصْلٌ، لَا فُضُولَ، وَلَا تَقْصِيرَ، دَمِثٌ، لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا الْمُهِينِ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ، لَا يَذُمُّ فِيهَا شَيْئًا، لَا يَذِمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ، وَلَا تُغْضِبُهُ الدُّنْيَا، وَلَا مَا كَانَ لَهَا، وَإِذَا تُعُوطِيَ الْحَقُّ لَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ حَتَّى يَنْتَصِرَ لَهُ، إِذَا أَشَارَ أَشَارَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَإِذَا تَعَجَّبَ قَلَبَهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ اتَّصَلَ بِهَا، فَيَضْرِبُ بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ[ص:2753] الْيُمْنَى بَاطِنَ إِبْهَامِهِ الْيُسْرَى، وَإِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ، وَإِذَا فَرِحَ غَضَّ طَرْفَهُ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، وَيَفْتَرُّ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ، قَالَ: فَكَتَمْتُهَا الْحُسَيْنَ زَمَانًا، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتُهُ، وَوَجَدْتُهُ قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ مَدْخَلِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَخْرَجِهِ، وَشَكْلِهِ، فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا، قَالَ الْحُسَيْنُ: سَأَلْتُ أَبِي عَنٍ دُخُولِ رَسُولِ اللهِ فَقَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ نَفْسَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، جُزْءٍ لِلَّهِ، وَجُزْءٍ لِأَهْلِهِ، وَجُزْءٍ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ، وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ، وَقَسَمُهُ عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، فَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ، وَيُشْغِلُهُمْ فِيمَا أَصْلَحَهُمْ، وَالْأَمَةُ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَنْهُ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ فَيَقُولُ: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا إِيَّاهُ يُثَبِّتُ اللهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، لَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَاكَ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِ، يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَفْتَرِقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ، وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةً، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ، كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يُعِينُهُمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ، وَلَا يُفَرِّقُهُمْ، أَوْ قَالَ: لَا يُنَفِّرُهُمْ، وَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيَحْذَرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَلَا خُلُقَهُ، يَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ، وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوَهِّنُهُ، مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا أَوْ يَمِيلُوا، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ، لَا يَقْصُرُ عَنِ الْحَقِّ وَلَا يَجُوزُهُ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ، أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً، وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً، فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا عَلَى ذِكْرٍ، لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ، وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَإِذَا جَلَسَ إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِيَ بِهِ الْمَجْلِسُ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ، وَيُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ، لَا يَحْسِبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ، مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفَ، وَمَنْ سَأَلَهُ[ص:2754] حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلَّا بِهَا، أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ، قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ بَسْطَةً وَخُلُقُهُ، فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءً، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ، وَلَا تُؤَبَّنُ فِيهِ الْحُرُمُ، وَلَا تَنْثَنِي فَلَتَاتُهُ، مُعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَواضِعِينَ يُوَقِّرُونَ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ الصَّغِيرَ، وَيُؤْثِرُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ، وَلَا غَلِيظٍ، وَلَا صَخَّابٍ، وَلَا فَحَّاشٍ، وَلَا عَيَّابٍ، وَلَا مَدَّاحٍ، يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِيَ، وَلَا يُوْئِسُ مِنْهُ، وَلَا يُخَيِّبُ فِيهِ، قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: الْمِرَاءِ وَالْإِكْبَارِ، وَمَا لَا يَعْنِيهِ، وَتَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا، وَلَا يُعَيِّرُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ، إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا، وَلَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ، مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ، حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ، وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ، مَسْأَلَتِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ، وَيَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْشِدُوهُ» ، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَهُ، فَيَقْطَعُهُ بِنَهْي أَوْ قِيَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفَكُّرِ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ: فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ، وَاسْتِمَاعٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَذَكُّرُهُ، أَوْ قَالَ: تَفَكُّرُهُ فِيمَا يَبْقَى وَيَفْنَى، وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمُ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَسْتَفِزُّهُ، وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعٍ: أَخْذِهِ بِالْحُسْنَى لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لَيُتَنَاهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ[ص:2755] الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامِ فِيمَا جَمَعَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ " رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، وَإِسْمَاعِيلُ السَّكُونِيُّ، عَنْ جُمَيْعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

6 ŞM1231 Ebû Bekir eş-Şeybânî, el-Âhâd ve’l-mesânî, II, 418.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ ، بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ طَلْحَةَ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ يَعْقُوبَ التَّمِيمِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ قَالَ لِهِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيِّ وَكَانَ رَبِيبًا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : صِفْ لَنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ أَثْبَتَ مِنَّا لَهُ مَعْرِفَةً قَالَ : كَانَ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ، طَوِيلَ الصَّمْتِ ، دَائِمَ التَّفْكِيرِ ، مُتَوَاتِرَ الأَحْزَانِ ، إِذَا تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ، لا فَضْلَ وَلا تَقْصِيرَ ، وَإِذَا حَدَّثَ أَعَادَ ، وَإِذَا وَعَظَ جَدَّ وَمَادَ ، وَإِذَا خُولِفَ أَعْرَضَ وَشَاحَ ، يَتَرَوَّحُ إِلَى حَدِيثِ أَصْحَابِهِ ، يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ ، وَلا يَذُمُّ ذَوَاقًا ، وَيَبْتَسِمُ عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ