Hadislerle İslâm Cilt 6 Sayfa 45


O da, “Babacığım, emrolunduğun şeyi yap. İnşaallah beni sabredenlerden bulacaksın.” dedi.29

İbrâhim"in beklediği, belki de umduğu cevap buydu. Bu öylesine teslimiyet dolu ve olgun bir cevap idi ki ancak geleceğin peygamberi olan bir çocuğun ağzına yakışıyordu. Evet, İbrâhim bir peygamberdi. Ama aynı zamanda yüreği evlât sevgisiyle çarpan merhamet timsali bir babaydı.

Baba, çocuğunun elinden tutup görevini ifa edeceği yere doğru ilerledi. Olayı uzaktan izleyen şeytana gün doğmuştu. Bir babayı, bir çocuğu veya bir anneyi Allah"ın emrine uymaktan vazgeçirmek için bundan daha büyük bir fırsat olabilir miydi? Fakat Hz. İbrâhim, peygamber ferasetiyle durumu fark etmişti. Şeytana yedi taş attı. Şeytan vazgeçmedi. Onu caydırmak için konuşuyor, önünü kesiyordu. Biraz sonra yine karşılarına çıktı. Fakat Hz. İbrâhim, ona meydan vermedi; yedi taş daha attı. Sonra peşlerini bırakmaya niyeti olmayan şeytana, yedi taş daha... İşte bugün dahi hacıların şeytan taşlaması, cemreler de bu tablonun yeniden canlandırılmasıdır... Ama şeytan şeytanlığına devam etmekteydi. Önce anneye, ardından çocuğun yanına sokuldu. Ama her ikisinde de cevap aynıydı: “Eğer bu Rabbimizin emriyse itaat etmekten daha güzel ne olabilir!”30

İstenilen yere geldiğinde İbrâhim durdu. Çocuk vaktin geldiğini anlamıştı. Tereddüt etmeden yere yattı, gül yanağını toprağa koydu. Babasından yüzünü örtmesini ve ellerini bağlamasını, üzerindeki kıyafeti ise çıkartarak ölümünden sonra kefen olarak kullanmasını istedi.31

İbrâhim bıçağını çıkardı. İkisinde de, hüzün vardı ama zerre kadar tereddüt yoktu. Dillerde dua. Gözler kapandı. Tam bu sırada hemen yanlarında Allah Teâlâ"nın elçisi belirdi. Yanında büyük ve gösterişli bir koç. Sonra ufku dolduran bir ses işitildi: “Ey İbrâhim! Gördüğün rüyanın hükmünü yerine getirdin. Biz iyilik yapanları böyle mükâfatlandırırız. Şüphesiz bu apaçık bir imtihandır.” 32

İbrâhim"in, İsmâil"in ve Hacer"in imtihanı... Ve başarılmıştı. Bu koç da, İsmâil"e karşılık bir fidye idi.33 Allah Teâlâ böyle bir sınavla âdemoğlunun yolunu şaşırıp zaman içerisinde icad ettiği evlât kurban etme mitini külliyen kaldırmış oldu. Şüphesiz bu olaydan elde edilen tek şey, Rabbin rızası değildi. Allah Teâlâ, sonradan gelecek nesiller için İbrâhim"i örnek gösterecek, onu daima selâm ve muhabbetle anacak, imanının bütünlüğüne dikkat çekecekti.34 Ama İbrâhim"de hep aynı tevazu, hep aynı dua: “Rabbim! Beni dosdoğru ibadet edenlerden eyle. Zürriyetimden de böyle ibadet edenler yarat.

    

Dipnotlar

29 Sâffât, 37/102.

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ اِنّ۪ٓي اَرٰى فِي الْمَنَامِ اَنّ۪ٓي اَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرٰىۜ قَالَ يَٓا اَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُۘ سَتَجِدُن۪ٓي اِنْ شَٓاءَ اللّٰهُ مِنَ الصَّابِر۪ينَ ﴿102﴾

30 TT21/80 Taberî, Câmiu’l-beyân, XXI, 80-81.

قال ابن عباس: الذبيح إسحاق. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا زيد بن حباب، عن الحسن بن دينار، عن عليّ بن زيد بن جُدْعان، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب، عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ذكره، قال:"هو إسحاق" . حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، قال: افتخر رجل عند ابن مسعود، فقال: أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام، فقال عبد الله: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا إبراهيم بن المختار، قال: ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن الزهري، عن العلاء بن حارثة الثقفي، عن أبي هريرة، عن كعب في قوله( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: من ابنه إسحاق. حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا زكريا وشعبة، عن ابن إسحاق، عن مسروق، في قوله( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسحاق. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبيد بن عمير، قال: هو إسحاق. حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمير قال:( قال موسى: يا ربّ يقولون يا إله (ص. 80) إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا قطّ إلا اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي بالذبح، وهو بغير ذلك أجود، وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظنّ ). حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، قال: قال موسى: أي ربّ بم أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما أعطيتهم؟ فذكر معنى حديث عمرو بن عليّ. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن أبي سنان الشيباني، عن ابن أبي الهذيل، قال: الذبيح هو إسحاق. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب أن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن حارثة الثقفي، أخبره أن كعبا قال لأبي هريرة: ألا أخبرك عن إسحاق بن إبراهيم النبيّ؟ قال أبو هريرة: بلى، قال كعب: لما رأى إبراهيم ذبح إسحاق ، قال الشيطان: والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا، فتمثل الشيطان لهم رجلا يعرفونه، فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارَة امرأة إبراهيم، فقال لها: أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق ؟ قالت سارَة: غدا لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما لذلك غدا به، قالت سارَة: فَلِمَ غدا به؟ قال: غدا به ليذبحه! قالت سارَة: ليس من ذلك شيء، لم يكن ليذبح ابنه! قال الشيطان: بلى والله! قالت سارَة: فلم يذبحه؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك; قالت سارَة: فهذا أحسن بأن يطيع ربه إن كان أمره بذلك. فخرج الشيطان من عند سارَة حتى أدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، فقال: أين أصبح أبوك غاديا بك ؟ قال: غدا بي لبعض حاجته، قال الشيطان: لا والله ما غدا بك لبعض حاجته، ولكن غدا بك ليذبحك، قال إسحاق: ما كان أبي ليذبحني! قال: بلى; قال: لِمَ ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك; قال إسحاق: فوالله لئن أمره بذلك ليطيعنَّه، قال: فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم، فقال: أين أصبحت غاديا بابنك؟ قال: غدوت به لبعض حاجتي، قال: أما والله ما غدوت به إلا لتذبحه، قال: لِمَ أذبحه؟ قال: زعمت أن ربك أمرك بذلك; قال: الله فوالله لئن كان أمرني بذلك ربي لأفعلنّ; قال: فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسَلَّم إسحاق، أعفاه الله وفداه بذبح عظيم، قال إبراهيم لإسحاق: قم أي بنيّ، فإن الله قد أعفاك; وأوحى الله إلى إسحاق: إني قد أعطيتك دعوة أستجيب (ص. 81)

31 TT21/73 Taberî, Câmiu’l-beyân, XXI, 73-75

حَلِيمٍ ) بشر بإسحاق، قال: لم يُثْن بالحلم على أحد غير إسحاق وإبراهيم. وقوله( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) يقول: فلما بلغ الغلام الذي بشر به إبراهيم مع إبراهيم العمل، وهو السعي، وذلك حين أطاق معونته على عمله. وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه. * ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قولهِ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) يقول: العمل. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) قال: لما شبّ حتى أدرك سعيه سَعْي إبراهيمَ في العمل. حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: لما شبّ حين أدرك سعيه. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) قال: سَعي إبراهيم. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا سهل بن يوسف، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) : سَعي إبراهيم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) قال: السَّعْيُ ها هنا العبادة. وقال آخرون: معنى ذلك: فلما مشى مع إبراهيم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ (ص. 73) السَّعْيَ ) : أي لما مشى مع أبيه. وقوله( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم خليل الرحمن لابنه:( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) وكان فيما ذكر أن إبراهيم نذر حين بشَّرته الملائكة بإسحاق ولدًا أن يجعله إذا ولدته سارَة لله ذبيحا; فلما بلغ إسحاقُ مع أبيه السَّعْي أرِي إبراهيم في المنام، فقيل له: أوف لله بنذرك، ورؤيا الأنبياء يقين، فلذلك مضى لما رأى في المنام، وقال له ابنه إسحاق ما قال. * ذكر من قال ذلك: حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: قال جبرائيل لسارَة: أبشري بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، فضربت جبهتها عَجَبا، فذلك قوله( فَصَكَّتْ وَجْهَهَا ) و( قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ) إلى قوله( حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) قالت سارَة لجبريل: ما آية ذلك ؟ فأخذ بيده عودا يابسا، فلواه بين أصابعه، فاهتز أخضر، فقال إبراهيم: هو لله إذن ذَبيح; فلما كبر إسحاق أُتِيَ إبراهيمُ في النوم، فقيل له: أوف بنذرك الذي نَذَرْت، إن الله رزقك غلاما من سارَة أن تذبحه، فقال لإسحاق: انطلق نقرب قُرْبَانا إلى الله، وأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال له الغلام: يا أبت أين قُرْبانك؟( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) فقال له إسحاق: يا أبت أشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكففْ عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء، فتراه سارَة فتحزن، وأَسْرِعْ مرّ السكين على حَلْقي؛ ليكون أهون للموت عليّ، فإذا أتيت سارَة فاقرأ عليها مني السلام; فأقبل عليه إبراهيم يقبله وقد ربطه وهو يبكي وإسحاق يبكي، حتى استنقع الدموع تحت خدّ إسحاق، ثم إنه جرّ السكين على حلقه، فلم تَحِكِ السكين، وضرب الله صفيحة من النحاس على (ص. 74) حلق إسحاق; فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه، وحزّ من قفاه، فذلك قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) يقول: سلما لله الأمر( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) فنودي يا إبراهيم( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) بالحق فالتفت فإذا بكبش، فأخذه وخَلَّى عن ابنه، فأكبّ على ابنه يقبله، وهو يقول: اليوم يا بُنَيّ وُهِبْتَ لي; فلذلك يقول الله:(وفديناه بذبح عظيم) فرجع إلى سارَة فأخبرها الخبر، فجَزِعَت سارَة وقالت: يا إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تُعْلِمني!. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) قال: رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا فى المنام شيئا فعلوه. حدثنا مجاهد بن موسى، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، قال: رؤيا الأنبياء وحي، ثم تلا هذه الآية:( إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ). قوله( فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) : اختلفت القرّاء في قراءة قوله( مَاذَا تَرَى ؟ ) ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة، وبعض قراء أهل الكوفة:( فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ؟) بفتح التاء، بمعنى: أي شيء تأمر، أو فانظر ما الذي تأمر، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة:"مَاذَا تُرَى" بضم التاء، بمعنى: ماذا تُشير، وماذا تُرَى من صبرك أو جزعك من الذبح؟. والذي هو أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه:( مَاذَا تَرَى ) بفتح التاء، بمعنى: ماذا ترى من الرأي. فإن قال قائل: أو كان إبراهيم يؤامر ابنه في المضيّ لأمر الله، والانتهاء إلى طاعته؟ قيل: لم يكن ذلك منه مشاورة لابنه في طاعة الله، ولكنه كان منه ليعلم ما عند ابنه من العَزْم: هل هو من الصبر على أمر الله على مثل الذي هو عليه، فيسر بذلك أم لا وهو في الأحوال كلها ماض لأمر الله. (ص. 75) TT21/76 Taberî, Câmiu’l-beyân, XXI, 76-79. وقوله( قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ) يقول تعالى ذكره: قال إسحاق لأبيه: يا أبت افعل ما يأمرك به ربك من ذبحي.( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) يقول: ستجدني إن شاء الله صابرا من الصابرين لما يأمرنا به ربنا، وقال:(افعل ما تُؤْمَرُ، ولم يقل: ما تؤمر به، لأن المعنى: افعل الأمر الذي تؤمره، وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله:"إني أرى في المنام: افعل ما أُمِرْت به". القول في تأويل قوله تعالى : { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) } يقول تعالى ذكره: فلما أسلما أمرهما لله وفوّضاه إليه واتفقا على التسليم لأمره والرضا بقضائه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: ثنا ثابت بن محمد، وحدثنا ابن بشار، قال: ثنا مسلم بن صالح، قالا ثنا عبد الله بن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، في قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) قال: اتفقا على أمر واحد. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة، قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: أسلما جميعا لأمر الله ورضي الغلام بالذبح، ورضي الأب بأن يذبحه، فقال: يا أبت اقذفني للوجه كيلا تنظر إلي فترحمني، وأنظر أنا إلى الشفرة فأجزع، ولكن أدخل الشفرة من تحتي، وامض لأمر الله، فذلك قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) فلما فعل ذلك( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ). (ص. 76) حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) قال: أسلم هذا نفسه لله، وأسلم هذا ابنه لله. حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) قال: أسلما ما أمرا به. حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) يقول: أسلما لأمر الله. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) : أي سلم إبراهيم لذبحه حين أمر به وسلم ابنه للصبر عليه، حين عرف أن الله أمره بذلك فيه. وقوله( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) يقول: وصَرَعَه للجَبِيِن، والجبينان ما عن يمين الجبهة وعن شمالها، وللوجه جبينان، والجبهة بينهما. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو العاصم، قال: ثنا عيسى: وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: وضع وجهه للأرض، قال: لا تذبحني وأنت تنظر إلى وجهي عسى أن ترحمني، ولا تجهز عليّ، اربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي للأرض. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) : أى وكبه لفيه وأخذ الشفرة( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) حتى بلغ( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، (ص. 77) عن أبيه، عن ابن عباس( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: أكبه على جبهته. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) قال: جبينه، قال: أخذ جبينه ليذبحه. حدثنا ابن سنان، قال: ثنا حجاج، عن حماد، عن أبي عاصم الغَنَوِيّ عن أبي الطُّفَيل، قال: قال ابن عباس: إن إبراهيم لما أُمر بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه، فسبقه إبراهيم، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حَصَيَات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوُسْطَى، فرماه بسبع حَصَيَات حتى ذهب، ثم تلَّه للجَبِين، وعلى إسماعيل قَميص أبيض، فقال له: يا أبت إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا، فاخلعه حتى تكفنني فيه، فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أعْيَن أبيض فذبحه، فقال ابن عباس: لقد رأيتنا نتبع هذا الضرب من الكِباش. وقوله( وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) وهذا جواب قوله( فَلَمَّا أَسْلَمَا ) ومعنى الكلام: فلما أسلما وتلَّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم; وأدخلت الواو في ذلك كما أدخلت في قوله( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ) وقد تفعل العرب ذلك فتدخل الواو في جواب فلما، وحتى وإذا تلقيها. ويعني بقوله( قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) التي أريناكها في منامك بأمرناك بذبح ابنك. وقوله( إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) يقول: إنا كما جَزَيْناك بطاعتنا يا إبراهيم، كذلك نجزى الذين أحسنوا، وأطاعوا أمرنا، وعملوا في رضانا. وقوله( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) : يقول تعالى ذكره: إن أمرنا إياك يا إبراهيم بذبح ابنك إسحاق، لهو البلاء، يقول: لهو الاختبار الذي يبين لمن فكَّرَ فيه أنه بلاء شديد ومِحْنة عظيمة. وكان ابن زيد يقول: البلاء في هذا الموضع الشرّ وليس باختبار. (ص. 78) حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ابن زيد، في قوله( إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ) قال: هذا فى البلاء الذي نزل به في أن يذبح ابنه.( صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) : ابتليتَ ببلاء عظيم أمرت أن تذبح ابنك، قال: وهذا من البلاء المكروه وهو الشرّ وليس من بلاء الاختبار. القول في تأويل قوله تعالى : { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) } وقوله( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) يقول: وفدينا إسحاق بذبح عظيم، والفدية: الجزاء، يقول: جزيناه بأن جعلنا مكان ذبحه ذبح كبش عظيم، وأنقذناه من الذبح. واختلف أهل التأويل، في المفديّ من الذبح من ابني إبراهيم، فقال بعضهم: هو إسحاق. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: حدثنا ابن يمان، عن مبارك، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن العباس بن عبد المطلب( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسحاق. حدثني الحسين بن يزيد بن إسحاق، قال: ثنا ابن إدريس، عن داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الذي أُمِر بذبحه إبراهيم هو إسحاق. حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس( وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) قال: هو إسحاق. حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن داود، عن عكرمة، قال: (ص. 79)

32 Sâffât, 37/104-106.

وَنَادَيْنَاهُ اَنْ يَٓا اِبْرٰه۪يمُۙ ﴿104﴾ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَاۚ اِنَّا كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِن۪ينَ ﴿105﴾ اِنَّ هٰذَا لَهُوَ الْبَلٰٓؤُ۬ا الْمُب۪ينُ ﴿106﴾

33 Sâffât, 37/107.

وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظ۪يمٍ ﴿107﴾

34 Sâffât, 37/108-111.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْاٰخِر۪ينَ ﴿108﴾ سَلَامٌ عَلٰٓى اِبْرٰه۪يمَ ﴿109﴾ كَذٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِن۪ينَ ﴿110﴾ اِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِن۪ينَ ﴿111﴾