Hadislerle İslâm Cilt 6 Sayfa 59

bir şeyi kabul eden Hz. Yusuf ise ikinci seferde doğru söylediklerini ispat etmedikleri sürece kendilerine erzak vermeyeceğini söyledi.65 Onlar da babalarından kardeşlerini getirmek için izin isteyeceklerini belirttiler. Bu arada Yusuf (as), tekrar gelmelerini ümit ederek kardeşlerinin ödedikleri ücretin yüklerinin içine konularak iade edilmesini emretti.66

Kardeşleri memleketlerine vardıklarında babalarına, “Ey babamız! Bize artık erzak verilmeyecek. Kardeşimizi (Bünyamin"i) bizimle gönder ki erzak alalım. Onu biz elbette koruruz.” dediler. Hz. Yakub, “Onun hakkında size ancak, daha önce kardeşi hakkında güvendiğim kadar güvenebilirim! Allah en iyi koruyandır ve O, merhametlilerin en merhametlisidir.” dedi.67

Yüklerini açıp ücret olarak götürdükleri eşyaların kendilerine iade edildiğini gördüklerinde, “Ey babamız! Daha ne isteriz? İşte ödediğimiz bedeller de bize geri verilmiş. Onunla yine ailemize yiyecek getirir, kardeşimizi korur ve bir deve yükü erzak da fazladan alırız. Çünkü bu getirdiğimiz az bir erzaktır.” 68 dediler. Hz. Yakub, “Kuşatılmanız (ve çaresiz kalma durumunuz) hâriç, onu bana mutlaka getireceğinize dair Allah adına sağlam bir söz vermediğiniz takdirde onu sizinle beraber göndermem!” 69 diye cevap verdi.

Söz verdiklerinde ise, “Allah söylediklerimize vekildir.” dedi ve şöyle devam etti: “Ey oğullarım! Bir kapıdan girmeyin, ayrı ayrı kapılardan girin. Ama Allah"tan gelecek hiçbir şeyi sizden uzaklaştıramam. Hüküm ancak Allah"ındır. Ben O"na tevekkül ettim. Tevekkül edenler de yalnız O"na tevekkül etsinler.” 70

Göze batmamaları ve göze gelmemeleri düşüncesiyle babalarının tavsiye ettiği şekilde71 şehre farklı kapılardan girip Hz. Yusuf"un yanına çıktıklarında, Yusuf (as) kardeşi Bünyamin"i yanına aldı ve gizlice, “Bilesin ki ben senin kardeşinim, onların yaptıklarına üzülme.” dedi. Yüklerini hazırlarken hükümdara ait su kabını kardeşi Bünyamin"in yüküne yerleştirdi. Sonra bir kişi, “Ey kervandakiler, siz hırsızsınız!” dedi. Onlar da dönerek, “Ne kaybettiniz?” dediler.

“Hükümdarın su kabını yitirdik. Onu getirene bir deve yükü ödül var...” diye cevap verdiler. Hz. Yusuf"un kardeşleri, “Allah"a yemin olsun, siz de biliyorsunuz ki biz bu ülkede fesat çıkarmaya gelmedik ve hırsız da değiliz.” dediler. “Eğer yalan söylüyorsanız, hırsızlığın cezası nedir?” diye sorduklarında, kardeşler, “Cezası, su kabı kimin yükünde bulunursa, o kimsenin kendisi(nin alıkonması) onun cezasıdır. Biz zalimleri böyle cezalandırırız.” dediler. Önce diğer kardeşlerinin yüklerini aramaya başlayan Hz. Yusuf, su kabını Bünyamin"in yükünden çıkardı. Böylece kardeşi Bünyamin"i yanında alıkoyma fırsatı bulmuş oldu.

    

Dipnotlar

65 İT4/396 İbn Kesîr, Tefsîr, IV, 398.

خزائن الأرض، وهي الأهرام التي يجمع فيها الغلات، لما يستقبلونه من السنين التي أخبرهم بشأنها، ليتصرف لهم على الوجه الأحوط والأصلح والأرشد، فأجيب إلى ذلك رغبةً فيه، وتكرِمَةً له؛ ولهذا قال تعالى: { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلأجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) } يقول تعالى: { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ } أي: أرض مصر، { يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ } قال السُّدِّي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: يتصرف فيها كيف يشاء. وقال ابن جرير: يتخذ منها منزلا حيث يشاء بعد الضيق والحبس والإسار. { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } أي: وما أضعنا صبر يوسف على أذى إخوته، وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز؛ فلهذا أعقبه الله عز وجل السلامة والنصر والتأييد، { وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلأجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } يخبر تعالى أن ما ادخره الله لنبيه يوسف، عليه السلام، في الدار الآخرة أعظم وأكثر وأجل، مما خوله من التصرف والنفوذ في الدنيا كما قال تعالى في حق سليمان، عليه السلام: { هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ } [ص: 39، 40]. والغرض أن يوسف، عليه السلام، ولاه مَلك مصر الريانُ بن الوليد الوزارة في بلاد مصر، مكان الذي اشتراه من مصر زوج التي راودته، وأسلم الملك على يدي يوسف، عليه السلام. قاله مجاهد. وقال محمد بن إسحاق لما قال يوسف للملك: { اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } قال الملك: قد فعلت. فولاه فيما ذكروا عمل إطفير وعزل إطفير عما كان عليه، يقول الله عز وجل: { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } فذكر لي -والله أعلم -أن إطفير هَلك في تلك الليالي، وأن الملك الريان بن الوليد زوَّج يوسف امرأة إطفير راعيل، وأنها حين دخلت عليه قال: أليس هذا خيرا مما كنت تريدين؟ قال: فيزعمون أنها قالت: أيها الصديق، لا تلمني، فإني كنت امرأة كما ترى حسناء جميلة، ناعمة في ملك ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك على ما رأيت، فيزعمون أنه وجدها عذراء، فأصابها فولدت له رجلين أفرائيم بن يوسف، وميشا بن (ص. 396) يوسف وولد لأفرائيم نون، والد يوشع بن نون، ورحمة امرأة أيوب، عليه السلام. وقال الفضيل بن عياض: وقفت امرأة العزيز على ظهر الطريق، حتى مَرّ يوسف، فقالت: الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته، والملوك عبيدا بمعصيته. { وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (58) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزلِينَ (59) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (60) قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61) وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (62) } ذكر السُّدي، ومحمد بن إسحاق، وغيرهما من المفسرين: أن السبب الذي أقدم إخوة يوسف بلاد مصر، أن يوسف، عليه السلام، لما باشر الوزارة بمصر، ومضت السبع السنين المخصبة، ثم تلتها سنينُ الجدب، وعمّ القحط بلاد مصر بكمالها، ووصل إلى بلاد كنعان، وهي التي فيها يعقوب، عليه السلام، وأولاده. وحينئذ احتاط يوسف، عليه السلام، للناس في غلاتهم، وجمعها أحسن جمع، فحصل من ذلك مبلغ عظيم، وأهراءَ متعددة هائلة، وورد عليه الناس من سائر الأقاليم والمعاملات، يمتارون لأنفسهم وعيالهم، فكان لا يعطى الرجل أكثر من حمل بعير في السنة. وكان، عليه السلام، لا يشبع نفسه ولا يأكل هو والملك وجنودهما إلا أكلة واحدة في وسط النهار، حتى يتكفى الناس بما في أيديهم مدة السبع سنين. وكان رحمة من الله على أهل مصر. وما ذكره بعض المفسرين من أنه باعهم في السنة الأولى بالأموال، وفي الثانية بالمتاع، وفي الثالثة بكذا، وفي الرابعة بكذا، حتى باعهم بأنفسهم وأولادهم بعدما تَمَلَّك عليهم جميع ما يملكون، ثم أعتقهم وردّ عليهم أموالهم كلها، اللهأعلم بصحة ذلك، وهو من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب. والغرض أنه كان في جملة من ورد للميرة إخوةُ يوسف، عن أمر أبيهم لهم في ذلك، فإنه بلغهم أن عزيز مصر يعطي الناس الطعام بثمنه، فأخذوا معهم بضاعة يعتاضون بها طعاما، وركبوا عشرة نفر، واحتبس يعقوب، عليه السلام، عنده بنيامين شقيق يوسف، عليهما السلام، وكان أحب ولده إليه بعد يوسف. فلما دخلوا على يوسف، وهو جالس في أبهته ورياسته وسيادته، عرفهم حين نظر إليهم، { وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ } أي: لا يعرفونه؛ لأنهم فارقوه وهو صغير حدث فباعوه للسيارة، ولم يدروا أين يذهبون به، ولا كانوا يستشعرون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه، فلهذا لم يعرفوه، وأما هو فعرفهم. (ص. 397) فذكر السدي وغيره: أنه شرع يخاطبهم، فقال لهم كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي؟ قالوا: أيها العزيز، إنا قدمنا للميرة. قال: فلعلكم عيون؟ قالوا: معاذ الله. قال: فمن أين أنتم؟ قالوا: من بلاد كنعان، وأبونا يعقوب نبي الله. قال: وله أولاد غيركم؟ قالوا: نعم، كنا اثني عشر، فذهب أصغرنا، هلك في البَرِيَّة، وكان أحبنا إلى أبيه، وبقي شقيقه فاحتبسه أبوه ليتسلى به عنه. فأمر بإنزالهم وإكرامهم. { وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي: وَفَّاهم كيلهم، وحمل لهم أحمالهم قال: ائتوني بأخيكم هذا الذي ذكرتم، لأعلم صدقكم فيما ذكرتم، { أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزلِينَ } يرغبهم في الرجوع إليه، ثم رَهَّبَهم فقال: { فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ } أي: إن لم تقدموا به معكم في المرة الثانية، فليس لكم عندي ميرة، { وَلا تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } أي: سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكن ولا نبقي مجهودا لتعلم صدقنا فيما قلناه. وذكر السدي: أنه أخذ منهم رهائن حتى يقدموا به معهم. وفي هذا نظر؛ لأنه أحسن إليهم ورغبهم كثيرا، وهذا لحرصه على رجوعهم. { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ } أي: غلمانه { اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ } وهي التي قدموا بها ليمتاروا عوضا عنها { فِي رِحَالِهِمْ } أي: في أمتعتهم من حيث لا يشعرون، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } بها. قيل: خشي يوسف، عليه السلام، ألا يكون عندهم بضاعة أخرى يرجعون للميرة بها. وقيل: تذمم أن يأخذ من أبيه وإخوته عوضا عن الطعام. وقيل: أراد أن يردهم إذا وجدوها في متاعهم تحرجًا وتورعًا لأنه يعلم ذلك منهم والله أعلم. { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63) } (ص. 398)

66 Yûsuf, 12/61-62.

قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ اَبَاهُ وَاِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴿61﴾ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ ف۪ي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَٓا اِذَا انْقَلَبُٓوا اِلٰٓى اَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿62﴾

67 Yûsuf, 12/63-64.

فَلَمَّا رَجَعُٓوا اِلٰٓى اَب۪يهِمْ قَالُوا يَٓا اَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَاَرْسِلْ مَعَنَٓا اَخَانَا نَكْتَلْ وَاِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿63﴾ قَالَ هَلْ اٰمَنُكُمْ عَلَيْهِ اِلَّا كَمَٓا اَمِنْتُكُمْ عَلٰٓى اَخ۪يهِ مِنْ قَبْلُۜ فَاللّٰهُ خَيْرٌ حَافِظًاۖ وَهُوَ اَرْحَمُ الرَّاحِم۪ينَ ﴿64﴾

68 Yûsuf, 12/65.

وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ اِلَيْهِمْۜ قَالُوا يَٓا اَبَانَا مَا نَبْغ۪يۜ هٰذِه۪ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ اِلَيْنَاۚ وَنَم۪يرُ اَهْلَنَا وَنَحْفَظُ اَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَع۪يرٍۜ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَس۪يرٌ ﴿65﴾

69 Yûsuf, 12/66.

قَالَ لَنْ اُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّٰى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللّٰهِ لَتَأْتُنَّن۪ي بِه۪ٓ اِلَّٓا اَنْ يُحَاطَ بِكُمْۚ فَلَمَّٓا اٰتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّٰهُ عَلٰى مَا نَقُولُ وَك۪يلٌ ﴿66﴾

70 Yûsuf, 12/66-67.

قَالَ لَنْ اُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتّٰى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللّٰهِ لَتَأْتُنَّن۪ي بِه۪ٓ اِلَّٓا اَنْ يُحَاطَ بِكُمْۚ فَلَمَّٓا اٰتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّٰهُ عَلٰى مَا نَقُولُ وَك۪يلٌ ﴿66﴾ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ اَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍۜ وَمَٓا اُغْن۪ي عَنْكُمْ مِنَ اللّٰهِ مِنْ شَيْءٍۜ اِنِ الْحُكْمُ اِلَّا لِلّٰهِۜ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُۚ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴿67﴾

71 İT4/400 İbn Kesîr, Tefsîr, IV, 400.

يقول تعالى، إخبارا عن يعقوب، عليه السلام: إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر، ألا يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس، ومحمد بن كعب، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، والسُّدِّي: إنه خشي عليهم العين، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة، ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم؛ فإن العين حق، تستنزل الفارس عن فرسه. وروى ابن أبي حاتم، عن إبراهيم النَّخّعي في قوله: { وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ } قال: علم أنه سيلقى إخوته في بعض الأبواب. وقوله: { وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ } أي: هذا الاحتراز لا يرد قدر الله وقضاءه (1) ؛ فإن الله إذا أراد شيئا لا يخالف ولا يمانع (2) { إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا } قالوا: هي دفع إصابة العين لهم، { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ } قال قتادة والثوري: لذو عمل بعلمه. وقال ابن جرير: لذو علم لتعليمنا إياه، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } { وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69) } يخبر تعالى عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه شقيقه بنيامين، فأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته، وأفاض عليهم الصلة والإلطاف والإحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه، وما جرى له، وعَرّفه أنه أخوه، وقال له: "لا تبتئس" أي: لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان ذلك عنهم، وألا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه، وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده، مُعزّزًا مكرما معظما.