Hadislerle İslâm Cilt 7 Sayfa 29

bir saatte böyle aniden ziyareti Hz. Ebû Bekir"i çok şaşırtmıştı. Resûlullah, eve girip içeride yabancı bir kimsenin olmadığından emin olduktan sonra, Hz. Ebû Bekir"e kendisine Allah (cc) tarafından hicret izninin verildiğini söyledi. Sadık dostu Ebû Bekir, bu habere çok sevindi. Nitekim daha önce hazırlık yapmış olmasına rağmen Sevgili Peygamberimiz onun Mekke"den ayrılmasına müsaade etmemişti. “Acele etme, belki Allah sana bir arkadaş bulur.” diyerek beklemesini istemişti. Bunun üzerine Hz. Ebû Bekir de iki deve satın alarak hicret gününü beklemeye başlamıştı.19 Hz. Ebû Bekir"in heyecanla beklediği gün nihayet gelmişti.

Resûlullah ve Hz. Ebû Bekir, müşrik olmasına rağmen güvenilir bir kimse olan Abdullah b. Uraykıt"ı kendilerine kılavuzluk etmesi için kiraladılar.20 Onunla üç gün sonra Sevr Mağarası"nda buluşmak üzere sözleştiler. Hz. Ebû Bekir"in kızları Âişe ve Esmâ ise yolculuk için hemen azık hazırladılar.21 Gereken tüm hazırlıklar yapıldıktan sonra Hz. Peygamber evine döndü. Hz. Ali"yi yanına çağırdı ve geceleyin yatağında yerine onun yatmasını istedi. Ayrıca üzerinde bulunan emanetleri ona bırakarak bunları sahiplerine vermesini istedi. Gece olduğunda ise Allah Resûlü, etrafı müşrikler tarafından çevrili olduğu hâlde onlar görmeden evinden çıkarak22 Hz. Ebû Bekir"e gitti. Vakit kaybetmeden Mekke"nin güneydoğusunda kalan Sevr mağarasına doğru yola koyuldular.23

Peygamberimiz (sav) ve Hz. Ebû Bekir, mağarada üç gün saklandılar. Bu süre zarfında Hz. Ebû Bekir"in oğlu Abdullah da her gece onlarla birlikte kaldı. Zeki bir genç olan Abdullah, karanlık basınca mağaraya geliyor ve Kureyşlilerin planlarını Resûlullah ile babasına haber veriyordu. Herhangi bir şüphe uyandırmamak için de seher vakti yanlarından ayrılıyor, geceyi Mekke"de geçirmiş gibi Kureyşlilerle birlikte sabahlıyordu. Hz. Ebû Bekir"in kölesi Âmir b. Füheyre ise mağaraya yakın bir civarda koyunlarını otlatıyor, akşam vakti biraz geçtikten sonra onlara süt getiriyordu.24

Allah Resûlü"nü öldürmek üzere evini basan fakat onu bulamayınca tuzaklarının boşa çıktığını anlayan müşrikler, Hz. Ali"yi ve Hz. Ebû Bekir"in kızı Esmâ"yı sıkıştırmışlar ama kendilerinden bir şey öğrenememişlerdi.25 Bunun üzerine Mekke"nin en iyi iz sürücülerini yanlarına alarak Peygamberimizi (sav) aramaya başladılar. İzler onları Sevr mağarasına doğru götürüyordu. Bir ara müşrikler mağaraya o kadar yaklaşmışlardı ki Hz. Ebû Bekir telaşlandı ve “İçlerinden birisi eğilip baksa bizi görür!” dedi. Peygamber (sav) de ona, “Yâ Ebâ Bekir, üçüncüleri Allah olan iki kişiyi sen ne

    

Dipnotlar

19 HS3/11 İbn Hişâm, Sîret, III, 10.

عز وجل { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين } قال ابن هشام المنون الموت وريب المنون ما يريب ويعرض منها قال أبو ذؤيب الهذلي ** أمن المنون وريبها تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع ** وهذا البيت في قصيدة له قال ابن إسحاق وأذن الله تعالى لنيبه صلى الله عليه وسلم عند ذلك في الهجرة أبو بكر يطمع في المصاحبة قال ابن إسحاق وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك حديث الهجرة إلى المدينة قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار إما بكرة وأما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبوبكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر (ص. 10)فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عني من عندك فقال يا رسول الله إنما هما ابتتاي وما ذاك فداك أبي وأمي فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة قالت فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال الصحبة قالت فوالله ما شعرت فط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ثم قال يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا فاستأجرا عبدالله بن أرقط رجلا من بني الدئل بن بكر وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو وكان مشركا يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهم لميعادهما من علم بامر هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق ولم يعلم فيما بلغني بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي ابن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيءيخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم (ص. 11) في الغار قال ابن إسحاق فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج أتى أبا بكر بن أبي قحافة فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثور جبل بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبدالله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما يأتيهما ثم إذا أمسى في الغار وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما قال ابن هشام وحدثني بعض أهل العلم أن الحسن بن أبي الحسن البصري قال انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمس الغار لينظر أفيه سبع أو حية يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه من قام بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم في الغار قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم وكان عبدالله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامر بن فهيرة مولى ابي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا فإذا عبدالله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة اتبع عامر (ص. 12)

20 ST1/229 İbn Sa’d, Tabakât, I, 229.

القيسي أخبرنا أبو مصعب المكي قال أدركت زيد بن أرقم وأنس بن مالك والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي صلى الله عليه و سلم ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت في وجه النبي صلى الله عليه و سلم فسترته وأمر الله العنكبوت فنسجت على وجهه فسترته وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار وأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بأسيافهم وعصيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه و سلم قدر أربعين ذراعا نظر أولهم فرأى الحمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد قال فسمع النبي صلى الله عليه و سلم قوله فعرف أن الله قد درأ عنه بهما فسمت النبي صلى الله عليه و سلم عليهن وفرض جزاءهن وانحدرن في حرم الله رجع الحديث إلى الأول قالوا وكانت لأبي بكر منيحة غنم يرعاها عامر بن فهيرة وكان يأتيهم بها ليلا فيحتلبون فإذا كان سحر سرح مع الناس قالت عائشة وجهزناهما أحب الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكت به الجراب وقطعت أخرى فصيرته عصاما لفم القربة فبذلك سميت ذات النطاقين ومكث رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر واستأجر أبو بكر رجلا من بني الديل هاديا خريتا يقال له عبد الله بن أريقط وهو على دين الكفر ولكنهما أمناه فارتحلا ومعهما عامر بن فهيرة فأخذ بهم بن أريقط يرتجز فما شعرت قريش أين وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى سمعوا صوتا من جني من أسفل مكة ولا يرى شخصه ... جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتي أم معبد ... هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد

21 B3905 Buhârî, Menâkıbü’l-ensâr, 45.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونُ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ . فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِى قَوْمِى ، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِى الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّى . قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ ، ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ . فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِى أَشْرَافِ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَيَقْرِى الضَّيْفَ ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِى دَارِهِ ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا . فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِى بَكْرٍ ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِى دَارِهِ ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ ، وَلاَ يَقْرَأُ فِى غَيْرِ دَارِهِ ، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً ، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ . فَقَالُوا إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ فَعَلَ ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِى بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ . قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِى عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَىَّ ذِمَّتِى ، فَإِنِّى لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّى أُخْفِرْتُ فِى رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنِّى أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَالنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ « إِنِّى أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ » . وَهُمَا الْحَرَّتَانِ ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَلَى رِسْلِكَ ، فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى » . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ « نَعَمْ » . فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهْوَ الْخَبَطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَنِّعًا - فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدَاءٌ لَهُ أَبِى وَأُمِّى ، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ . قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِى بَكْرٍ « أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ » . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ » . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « نَعَمْ » . قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « بِالثَّمَنِ » . قَالَتْ عَائِشَةُ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِى جِرَابٍ ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ - قَالَتْ - ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِى جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ ، فَيَبِيتَانِ فِى رِسْلٍ وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا ، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِى آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِىِّ ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا ، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ .

22 EÜ5/91 İbnü’l-Esîr, Üsdü’l-gâbe, V, 91.

أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال : وأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم - يعني بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة - ينتظر مجيء جبريل عليه السلام وأمره له أن يخرج من مكة بإذن الله له في الهجرة إلى المدينة حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي وأرادوا برسول الله صلى الله عليه و سلم ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب فأمره أن يبيت على فراشه ويتسجى ببرد له أخضر ففعل ثم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على القوم وهم على بابه . قال ابن إسحاق : وتتابع الناس في الهجرة وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يفتن في دينه علي بن أبي طالب وذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخره بمكة وأمره أن ينام على فراشه وأجله ثلاثا وأمره أن يؤدي إلى كل ذي حق حقه ففعل . ثم لحق برسول الله صلى الله عليه و سلم . أنبأنا أبو محمد بن أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي إجازة : أنبأنا أبي أنبأنا أبو الأغر قراتكين بن الأسعد حدثنا أبو محمد الجوهري حدثنا أبو حفص بن شاهين حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني حدثنا أحمد بن يوسف حدثنا أحمد بن يزيد النخعي حدثنا عبيد الله بن الحسن

23 HS3/11 İbn Hişâm, Sîret, III, 12.

عز وجل { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين } قال ابن هشام المنون الموت وريب المنون ما يريب ويعرض منها قال أبو ذؤيب الهذلي ** أمن المنون وريبها تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع ** وهذا البيت في قصيدة له قال ابن إسحاق وأذن الله تعالى لنيبه صلى الله عليه وسلم عند ذلك في الهجرة أبو بكر يطمع في المصاحبة قال ابن إسحاق وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك حديث الهجرة إلى المدينة قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار إما بكرة وأما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبوبكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر (ص. 10)فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عني من عندك فقال يا رسول الله إنما هما ابتتاي وما ذاك فداك أبي وأمي فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة قالت فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال الصحبة قالت فوالله ما شعرت فط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ثم قال يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا فاستأجرا عبدالله بن أرقط رجلا من بني الدئل بن بكر وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو وكان مشركا يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهم لميعادهما من علم بامر هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم قال ابن إسحاق ولم يعلم فيما بلغني بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي ابن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيءيخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم (ص. 11) في الغار قال ابن إسحاق فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج أتى أبا بكر بن أبي قحافة فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثور جبل بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبدالله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما يأتيهما ثم إذا أمسى في الغار وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما قال ابن هشام وحدثني بعض أهل العلم أن الحسن بن أبي الحسن البصري قال انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمس الغار لينظر أفيه سبع أو حية يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه من قام بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم في الغار قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم وكان عبدالله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامر بن فهيرة مولى ابي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا فإذا عبدالله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة اتبع عامر (ص. 12)

24 B3905 Buhârî, Menâkıbü’l-ensâr, 45.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَىَّ قَطُّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلاَّ يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَىِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ، فَلَمَّا ابْتُلِىَ الْمُسْلِمُونُ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهْوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ . فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِى قَوْمِى ، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِى الأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّى . قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ وَلاَ يُخْرَجُ ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَقْرِى الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ ، ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ . فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِى أَشْرَافِ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لاَ يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلاَ يُخْرَجُ ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلاً يَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَيَقْرِى الضَّيْفَ ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَلَمْ تُكَذِّبْ قُرَيْشٌ بِجِوَارِ ابْنِ الدَّغِنَةِ ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِى دَارِهِ ، فَلْيُصَلِّ فِيهَا وَلْيَقْرَأْ مَا شَاءَ ، وَلاَ يُؤْذِينَا بِذَلِكَ ، وَلاَ يَسْتَعْلِنْ بِهِ ، فَإِنَّا نَخْشَى أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا . فَقَالَ ذَلِكَ ابْنُ الدَّغِنَةِ لأَبِى بَكْرٍ ، فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ بِذَلِكَ يَعْبُدُ رَبَّهُ فِى دَارِهِ ، وَلاَ يَسْتَعْلِنُ بِصَلاَتِهِ ، وَلاَ يَقْرَأُ فِى غَيْرِ دَارِهِ ، ثُمَّ بَدَا لأَبِى بَكْرٍ فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ وَكَانَ يُصَلِّى فِيهِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، فَيَنْقَذِفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ ، وَهُمْ يَعْجَبُونَ مِنْهُ ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَجُلاً بَكَّاءً ، لاَ يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ابْنِ الدَّغِنَةِ ، فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ . فَقَالُوا إِنَّا كُنَّا أَجَرْنَا أَبَا بَكْرٍ بِجِوَارِكَ ، عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ ، فَقَدْ جَاوَزَ ذَلِكَ ، فَابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ ، فَأَعْلَنَ بِالصَّلاَةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِ ، وَإِنَّا قَدْ خَشِينَا أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَانْهَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنْ يَعْبُدَ رَبَّهُ فِى دَارِهِ فَعَلَ ، وَإِنْ أَبَى إِلاَّ أَنْ يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْكَ ذِمَّتَكَ ، فَإِنَّا قَدْ كَرِهْنَا أَنْ نُخْفِرَكَ ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأَبِى بَكْرٍ الاِسْتِعْلاَنَ . قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتَ الَّذِى عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلَىَّ ذِمَّتِى ، فَإِنِّى لاَ أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّى أُخْفِرْتُ فِى رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنِّى أَرُدُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . وَالنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُسْلِمِينَ « إِنِّى أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لاَبَتَيْنِ » . وَهُمَا الْحَرَّتَانِ ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَلَى رِسْلِكَ ، فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِى » . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِى أَنْتَ قَالَ « نَعَمْ » . فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ ، وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وَهْوَ الْخَبَطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَنِّعًا - فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدَاءٌ لَهُ أَبِى وَأُمِّى ، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ أَمْرٌ . قَالَتْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لأَبِى بَكْرٍ « أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ » . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ » . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « نَعَمْ » . قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَىَّ هَاتَيْنِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « بِالثَّمَنِ » . قَالَتْ عَائِشَةُ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجَهَازِ ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِى جِرَابٍ ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ - قَالَتْ - ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِى جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ ، فَيَبِيتَانِ فِى رِسْلٍ وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا ، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِى آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِىِّ ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا ، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاَثٍ ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ .

25 TB1/568 Taberî, Târîh, I, 568-570.

تربصوا فإني معكم من المتربصين ( 2 ) وقد زعم بعضهم أن أبا بكر أتى عليا فسأله عن نبي الله صلى الله عليه و سلم فأخبره أنه لحق بالغار من ثور وقال إن كان لك فيه حاجة فالحقه فخرج أبو بكر مسرعا فلحق نبي الله صلى الله عليه و سلم في الطريق فسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم جرس أبي بكر في ظلمة الليل فحسبه من المشركين فأسرع رسول الله صلى الله عليه و سلم المشي فانقطع قبال نعله ففلق إبهامه حجر فكثر دمها وأسرع السعي فخاف أبو بكر أن يشق على رسول الله صلى الله عليه و سلم فرفع صوته وتكلم فعرفه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام حتى أتاه فانطلقا ورجل رسول الله صلى الله عليه و سلم تستن دما حتى انتهى إلى الغار مع الصبح فدخلاه وأصبح الرهط الذين كانوا يرصدون رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخلوا الدار وقام علي عليه السلام عن فراشه فلما دنوا منه عرفوه فقالوا له أين صاحبك قال لا أدري أو رقيبا كنت عليه أمرتموه بالخروج فخرج فانتهروه وضربوه وأخرجوه إلى المسجد فحبسوه ساعة ثم تركوه ونجى الله رسوله من مكرهم وأنزل عليه في ذلك وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين قال أبو جعفر وأذن الله عز و جل لرسوله صلى الله عليه و سلم عند ذلك بالهجرة فحدثنا علي بن نصر الجهضمي قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث وحدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا أبي قال حدثنا أبان العطار قال حدثنا هشام بن عروة عن عروة قال لما خرج أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وقبل أن يخرج يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم وقبل أن تنزل هذه الآية التي أمروا فيها بالقتال استأذنه أبو بكر ولم يكن أمره بالخروج مع من خرج من أصحابه حبسه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال له أنظرني فإني لا أدري لعلي يؤذن لي بالخروج وكان أبو بكر قد اشترى راحلتين يعدهما للخروج مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة فلما استنظره رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخبره بالذي يرجو من ربه أن يأذن له بالخروج حبسهما وعلفهما انتظار صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أسمنهما فلما حبس عليه خروج النبي صلى الله عليه و سلم قال أبو بكر أتطمع أن يؤذن لك قال نعم فانتظره فمكث بذلك فأخبرتني عائشة أنهم بينا هم ظهرا في بيتهم وليس عند أبي بكر إلا ابنتاه عائشة وأسماء إذا هم برسول الله صلى الله عليه و سلم حين قام قائم الظهيرة وكان لا يخطئه يوما أن يأتي بيت أبي بكر أول النهار وآخره فلما رأى أبو بكر النبي صلى الله عليه و سلم جاء ظهرا قال له ما جاء بك يا نبي الله إلا أمر حدث فلما دخل عليهم النبي صلى الله عليه و سلم البيت قال لأبي بكر أخرج من عندك قال ليس علينا عين إنما هما ابنتاي قال إن الله قد أذن لي بالخروج إلى المدينة فقال أبو بكر يا رسول الله الصحابة الصحابة قال الصحابة قال أبو بكر خذ إحدى الراحلتين وهما الراحلتان اللتان كان يعلفهما أبو بكر يعدهما للخروج إذا أذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطاه إحدى الراحلتين فقال خذها يا رسول الله فارتحلها فقال النبي صلى الله عليه و سلم قد أخذتها بالثمن وكان عامر بن فهيرة مولدا من مولدي الأزد كان للطفيل بن عبدالله بن سخبرة وهو أبو الحارث بن الطفيل وكان أخا عائشة بنت أبي بكر وعبد الرحمن بن أبي بكر لأمهما فأسلم عامر بن فهيرة وهو مملوك لهم فاشتراه أبو بكر فأعتقه وكان حسن الإسلام فلما خرج النبي صلى الله عليه و سلم وأبو بكر كان لأبي بكر منيحة من غنم تروح على (ص. 568) أهله فأرسل أبو بكر عامرا في الغنم إلى ثور فكان عامر بن فهيرة يروح بتلك الغنم على رسول الله صلى الله عليه و سلم بالغار في ثور وهو الغار الذي سماه الله في القرآن فأرسل بظهرهما رجلا من بني عبد بن عدي حليفا لقريش من بني سهم ثم آل العاص بن وائل وذلك العدوي يومئذ مشرك ولكنهما استأجراه وهو هاد بالطريق وفي الليالي التي مكثا بالغار كان يأتيهما عبدالله بن أبي بكر حين يمسي بكل خبر بمكة ثم يصبح بمكة ويريح عامر الغنم كل ليلة فيحلبان ثم يسرح بكرة فيصبح في رعيان الناس ولا يفطن له حتى إذا هدأت عنهما الأصوات وأتاهما أن قد سكت عنهما جاءهما صاحبهما ببعيريهما فانطلقا وانطلق معهما بعامر بن فهيرة يخدمهما ويعينهما يردفه أبو بكر ويعقبه على رحله ليس معهما أحد إلا عامر بن فهيرة وأخو بني عدي يهديهما الطريق فأجاز بهما في أسفل مكة ثم مضى بهما حتى حاذى بهما الساحل أسفل من عسفان ثم استجاز بهما حتى عارض الطريق بعدما جاوز قديدا ثم سلك الخرار ثم أجاز على ثنية المرة ثم أخذ على طريق يقال لها المدلجة بين طريق عمق وطريق الروحاء حتى توافوا طريق العرج وسلك ماء يقال له الغابر عن يمين ركوبة حتى يطلع على بطن رئم ثم جاء حتى قدم المدينة على بني عمرو بن عوف قبل القائلة فحدثت أنه لم يبق فيهم إلا يومين وتزعم بنو عمرو بن عوف أن قد أقام فيهم أفضل من ذلك فاقتاد راحلته فاتبعته حتى دخل في دور بني النجار فأراهم رسول الله صلى الله عليه و سلم مريدا كان بين ظهري دورهم وقد حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبدالله بن الحصين التميمي قال حدثني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يخطئه أحد طرفي النهار أن يأتي بيت أبي بكر إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله بالهجرة وبالخروج من مكة من بين ظهراني قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تأخر أبو بكر عن سريره فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أخرج عني من عندك قال يا نبي الله إنما هما ابنتاي وما ذاك فداك أبي وأمي قال إن الله عز و جل قد أذن لي بالخروج والهجرة فقال أبو بكر الصحية يا رسول الله قال الصحبة قالت فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي من الفرح ثم قال يا نبي الله إن هاتين راحلتاي كنت أعددتهما لهذا فاستأجرا عبدالله بن أرقد رجلا من بني الديل بن بكر وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو وكان مشركا يدلهما على الطريق ودفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما ولم يعلم فيما بلغني بخروج رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر فأما علي بن أبي طالب فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما بلغني أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عند رسول الله صلى الله عليه و سلم لما يعرف من صدقه وأمانته فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه و سلم للخروج أتى أبا بكر بن أبي قحافة فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثور جبل بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبدالله بن أبي بكر أن يسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه (ص. 569) أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما إذا أمسى بالغار وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر وجعلت قريش حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم فكان عبدالله بن أبي بكر يكون في قريش ومعهم ويستمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى في رعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا فإذا غدا عبدالله بن أبي بكر من عندهما إلى مكة اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجرا ببعيريهما وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما ونسيت أن تجعل لها عصاما فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس فيها عصام فحلت نطاقها فجعلته لها عصاما ثم علقتها به فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين لذلك فلما قرب أبو بكر الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قرب له أفضلهما ثم قال له اركب فداك أبي وأمي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني لا أركب بعيرا ليس لي قال فهو لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال لا ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به قال كذا وكذا قال قد أخذتها بذلك قال هي لك يا رسول الله فركبا فانطلقا وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة مولاه خلفه يخدمهما بالطريق حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق قال وحدثت عن أسماء بنت أبي بكر قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا أين أبوك يا ابنة أبي بكر قلت لا أدري والله أين أبي قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي قالت ثم انصرفوا ومكثنا ثلاث ليال لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يغني بأبيات من الشعر غناء العرب والناس يتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول ... جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد ... هما نزلاها بالهدى واغتدوا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد ... ليهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد ... قالت فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعامر بن فهيرة وعبدالله بن أرقد دليلهما قال أبو جعفر حدثني أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال حدثنا عبد الحميد بن أبي عبس بن محمد بن أبي عبس بن جبر عن أبيه قال سمعت قريش قائلا يقول في الليل على أبي قبيس ... فإن يسلم السعدان يصبح محمد ... بمكة لا يخشى خلاف المخالف ... فلما أصبحوا قال أبو سفيان من السعدان سعد بكر سعد تميم سعد هذيم فلما كان في الليلة الثانية سمعوه يقول ... أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف (ص. 570)