Hadislerle İslâm Cilt 3 Sayfa 587

bu fırsatı kaçırmak istemediler ve antlaşmaya muhalif davranmaya başladılar. Müslümanlar Hendek Muhasarası sırasında on bin kişilik müşrik ordusundan ziyade Kurayzalıların saldırılarını önlemekle uğraştılar. Bu ihanetten dolayı büyük sıkıntı yaşadılar. Kurayzalılar müşriklere yardım etmekle yetinmeyip Müslümanlara saldırmaya karar verdiler. Bu haber Müslümanlara ulaşınca onlar Medine"de geride bıraktıkları çoluk çocukları, yaşlı ve düşkünler için endişe ettiler. Allah Resûlü, Kurayzalılarla değişik vesilelerle antlaşmaya çalıştı ama kabul etmediler. Hz. Ebû Bekir o günlerde Kurayzalıların yaşattığı endişeyi dile getirirken şu ifadeleri kullanmıştı: “Medine"deki eş ve çocuklarımızla ilgili olarak Kurayzalılardan duyduğumuz korku, Kureyş ve Gatafan"dan duyduğumuz korkudan daha baskın idi.”18 Günler Kurayzalıların ihaneti ile geçti. Fakat işler hiç de onların tahmin ettiği gibi olmadı. Onların muhakkak bir hesabı vardı. Ama onların kalplerinde gizlediklerini de açıkladıklarını da bilen Allah"ın da bir hesabı vardı. Allah, Peygamberi"ni yine yardımsız bırakmamıştı: “Ey iman edenler! Allah"ın size olan nimetini hatırlayın. Hani size ordular saldırmıştı da biz onlara karşı bir rüzgâr ve sizin görmediğiniz ordular göndermiştik. Allah ne yaptığınızı çok iyi görmekteydi.” 19

Yaklaşık bir ay süren, Allah Resûlü ve yanındakilere çok sıkıntılı günler yaşatan Hendek Savaşı nihayet Allah"ın yardımıyla zaferle sonuçlanmıştı. Hz. Peygamber zafer gecesinin sabahı müşriklerin terk ettikleri ordugâhı inceledi ve Medine"ye döndü. Herkes çok yorulmuştu. Ama herkesin aklının bir köşesinde Kurayzalıların ihanetinin hesabının sorulması vardı. Zira Yüce Allah bu konuda şöyle buyurmuştu: “(Antlaşma yaptığın) bir kavmin hainlik etmesinden korkarsan sen de antlaşmayı bozduğunu aynı şekilde onlara bildir. Çünkü Allah, hainleri sevmez.” 20 Hz. Peygamber de bu doğrultuda hareket etti. Ashâbına, “Her kim işitmiş ve itaat etmiş ise ikindi namazını Kurayza yurduna varmadan kılmasın!” şeklinde ilânda bulunulmasını emretti.21 Bu bir çağrıydı. Kurayzalılara karşı yapılacak bir harekâtın çağrısıydı. İhanetin hesabı elbette sorulacaktı. Allah Resûlü bu hesabı sormak için çoktan hazırlanmış, zırhını giymiş, kılıcını kuşanmıştı. Yola çıkıldı ve Kurayza Kalesi"nin önüne geldi Müslümanlar. Hz. Peygamber Kurayzalıların önde gelenleriyle görüşmek istedi. Fakat onlar kalelerine yaklaşmakta olan Allah Resûlü"nü taş ve ok yağmuruna tuttular. Kuşatma başlamıştı artık. Kuşatma uzadıkça Kurayzalıların sıkıntısı da artırıyordu. Kuşatmanın sona erdirilmesi için Allah Resûlü"ne farklı teklifler sundular, fakat o kabul etmedi.22

    

Dipnotlar

18 VM2/453 Vâkıdî, Meğâzî, II, 453-460.

وَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللّيْثِيّ قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعْرِضُ الْغِلْمَان َ وَهُوَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ فَأَجَازَ مَنْ أَجَازَ وَرَدّ مَنْ رَدّ وَكَانَ الْغِلْمَانُ يَعْمَلُونَ مَعَهُ الّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا وَلَمْ يُجِزْهُمْ وَلَكِنّهُ لَمّا لُحِمَ الْأَمْرُ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ إلَى الْآطَامِ مَعَ الذّرَارِيّ . وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَلَقَدْ كُنْت أَرَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّهُ لَيَضْرِبُ مَرّةً بِالْمَعُولِ وَمَرّةً يَغْرِفُ بِالْمِسْحَاةِ التّرَابَ وَمَرّةً يَحْمِلُ التّرَابَ فِي الْمِكْتَلِ . وَلَقَدْ رَأَيْته يَوْمًا بَلَغَ مِنْهُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ اتّكَأَ عَلَى حَجَرٍ عَلَى شِقّهِ الْأَيْسَرِ فَذَهَبَ بِهِ النّوُمُ . فَرَأَيْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاقِفَيْنِ عَلَى رَأْسِهِ يُنَحّيَانِ النّاسَ أَنْ يَمُرّوا بِهِ فَيُنَبّهُوهُ وَأَنَا قَرّبْت مِنْهُ فَفَزِعَ وَوَثَبَ فَقَالَ أَلَا أَفْزَعْتُمُونِي فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ يَضْرِبُ بِهِ وَإِنّهُ لَيَقُولُ اللّهُمّ إنّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ اللّهُمّ الْعَنْ عَضْلًا وَالْقَارَهْ فَهُمْ كَلّفُونِي أَنْقُلُ الْحِجَارَهْ فَكَانَ مِمّنْ أَجَازَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ ; وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ . [ ص 453 ] حَدّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ ، وَكَانَ حَفَرَهُ سِتّةَ أَيّامٍ وَحَصّنَهُ وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دُبُرَ سَلْعٍ ، فَجَعَلَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَالْخَنْدَقَ أَمَامَهُ وَكَانَ عَسْكَرُهُ هُنَالِكَ . وَضَرَبَ قُبّةً مِنْ أَدَمٍ وَكَانَتْ الْقُبّةُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْأَعْلَى الّذِي بِأَصْلِ الْجَبَلِ - جَبَلُ الْأَحْزَابِ - وَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُعْقِبُ بَيْنَ نِسَائِهِ فَتَكُونُ عَائِشَةُ أَيّامًا ، ثُمّ تَكُونُ أُمّ سَلَمَةَ ثُمّ تَكُونُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ، فَكَانَ هَؤُلَاءِ الثّلَاثُ اللّاتِي يُعْقِبُ بَيْنَهُنّ فِي الْخَنْدَقِ وَسَائِرُ نِسَائِهِ فِي أُطُمِ بَنِي حَارِثَةَ . وَيُقَالُ كُنّ فِي الْمَسِيرِ أُطُمٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ وَكَانَ حَصِينًا . وَيُقَالُ كَانَ بَعْضُهُنّ فِي فَارِعٍ - وَكُلّ هَذَا قَدْ سَمِعْنَاهُ . فَحَدّثَنِي أَبُو أَيّوبَ بْنُ النّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ يَقُولُ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَلِقُرَيْشٍ فِي مَسِيرِهِ مَعَهُمْ إنّ قَوْمِي قُرَيْظَةَ مَعَكُمْ وَهُمْ أَهْلُ حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ هُمْ سَبْعُمِائَةِ مُقَاتِلٍ وَخَمْسُونَ مُقَاتِلًا . فَلَمّا دَنَوْا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ ائْتِ قَوْمَك ، حَتّى يَنْقُضُوا الْعَهْدَ الّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمّدٍ . فَذَهَبَ حُيَيّ حَتّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ قَدِمَ صَالَحَ قُرَيْظَةَ وَالنّضِيرَ وَمَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ الْيَهُودِ أَلّا يَكُونُوا مَعَهُ وَلَا عَلَيْهِ . وَيُقَالُ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَنْصُرُوهُ مِمّنْ دَهَمَهُ مِنْهُمْ وَيُقِيمُوا عَلَى مَعَاقِلِهِمْ الْأُولَى الّتِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ . وَيُقَالُ إنّ حُيَيّ [ ص 454 ] عَدَلَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَسَلَكَ عَلَى الْعَصَبَةِ حَتّى طَرَقَ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ ، وَكَانَ كَعْبٌ صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهَا . فَكَانَ مُحَمّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ يُحَدّثُ يَقُولُ كَانَ حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ رَجُلًا مَشْئُومًا ; هُوَ شَأْمُ بَنِي النّضِيرِ قَوْمُهُ وَشَأْمُ قُرَيْظَةَ حَتّى قُتِلُوا ، وَكَانَ يُحِبّ الرّئَاسَةَ وَالشّرَفَ عَلَيْهِمْ وَلَهُ فِي قُرَيْشٍ شَبَهٌ - أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ . فَلَمّا أَتَى حُيَيّ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ كَرِهَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ دُخُولَهُ دَارَهُمْ فَكَانَ أَوّلَ مَنْ لَقِيَهُ غَزّالُ بْنُ سَمَوْأَلٍ ، فَقَالَ لَهُ حُيَيّ : قَدْ جِئْتُك بِمَا تَسْتَرِيحُ بِهِ مِنْ مُحَمّدٍ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ حَلّتْ وَادِي الْعَقِيقِ ، وَغَطَفَانَ بِالزّغَابَةِ . قَالَ غَزَالٌ : جِئْتنَا وَاَللّهِ بِذُلّ الدّهْرِ قَالَ حُيَيّ : لَا تَقُلْ هَذَا ثُمّ وُجّهَ إلَى بَابِ كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ فَدَقّ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُ كَعْبٌ وَقَالَ مَا أَصْنَعُ بِدُخُولِ حُيَيّ عَلَيّ رَجُلٌ مَشْئُومٌ قَدْ شَأَمَ قَوْمَهُ وَهُوَ الْآنَ يَدْعُونِي إلَى نَقْضِ الْعَهْدِ قَالَ فَدَقّ عَلَيْهِ . فَقَالَ كَعْبٌ إنّك امْرُؤٌ مَشْئُومٍ قَدْ شَأَمْت قَوْمَك حَتّى أَهْلَكْتهمْ فَارْجِعْ عَنّا فَإِنّك إنّمَا تُرِيدُ هَلَاكِي وَهَلَاكَ قَوْمِي فَأَبَى حُيَيّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَالَ كَعْبٌ يَا حُيَيّ ، إنّي عَاقَدْتُ مُحَمّدًا وَعَاهَدْته ، فَلَمْ نَرَ مِنْهُ إلّا صِدْقًا ; وَاَللّهِ مَا أَخْفَرَ لَنَا ذِمّةً وَلَا هَتَكَ لَنَا سِتْرًا ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ جِوَارَنَا . فَقَالَ حُيَيّ : وَيْحَك إنّي قَدْ جِئْتُك بِبَحْرِ طَامٍ وَبِعَزّ الدّهْرِ جِئْتُك بِقُرَيْشٍ عَلَى قَادَتِهَا وَسَادَتِهَا ، وَجِئْتُك بِكِنَانَةَ حَتّى أَنْزَلْتهمْ بِرُومَةَ وَجِئْتُك بِغَطَفَانَ عَلَى قَادَتِهَا وَسَادَتِهَا حَتّى أَنْزَلْتهمْ بِالزّغَابَةِ إلَى نَقْمَى ، قَدْ قَادُوا الْخَيْلَ وَامْتَطَوْا الْإِبِلَ وَالْعَدَدُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَالْخَيْلُ أَلْفُ فَرَسٍ وَسِلَاحٌ كَثِيرٌ ، وَمُحَمّدٌ لَا يُفْلَتُ فِي فَوْرِنَا هَذَا ، وَقَدْ تَعَاقَدُوا [ ص 455 ] وَتَعَاهَدُوا أَلّا يَرْجِعُوا حَتّى يَسْتَأْصِلُوا مُحَمّدًا وَمَنْ مَعَهُ . قَالَ كَعْبٌ وَيْحَك جِئْتنِي وَاَللّهِ بِذُلّ الدّهْرِ وَبِسَحَابٍ يَبْرُقُ وَيَرْعُدُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ . وَأَنَا فِي بَحْرٍ لُجّيّ لَا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَرِيمَ دَارِي ، وَمَالِي مَعِي وَالصّبْيَانُ وَالنّسَاءُ فَارْجِعْ عَنّي ، فَإِنّهُ لَا حَاجَةَ لِي فِيمَا جِئْتنِي بِهِ . قَالَ حُيَيّ : وَيْحَك أُكَلّمُك . قَالَ كَعْبٌ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ . قَالَ وَاَللّهِ مَا أَغْلَقْت دُونِي إلّا لِجَشِيشَتِك أَنْ آكُلَ مَعَك مِنْهَا ، فَلَك أَلّا أُدْخِلَ يَدِي فِيهَا . قَالَ فَأَحْفَظُهُ فَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَفْتِلُهُ فِي الذّرْوَةِ وَالْغَارِبِ حَتّى لَانَ لَهُ وَقَالَ ارْجِعْ عَنّي يَوْمَك هَذَا حَتّى أُشَاوِرَ رُؤَسَاءَ الْيَهُودِ . فَقَالَ قَدْ جَعَلُوا الْعَهْدَ وَالْعَقْدَ إلَيْك فَأَنْتَ تَرَى لَهُمْ . وَجَعَلَ يُلِحّ عَلَيْهِ حَتّى فَتَلَهُ عَنْ رَأْيِهِ فَقَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ : يَا حُيَيّ ، قَدْ دَخَلْت فِيمَا تَرَى كَارِهًا لَهُ وَأَنَا أَخْشَى أَلّا يُقْتَلَ مُحَمّدٌ وَتَنْصَرِفُ قُرَيْشٌ إلَى بِلَادِهَا ، وَتَرْجِعُ أَنْتَ إلَى أَهْلِك ، وَأَبْقَى فِي عُقْرِ الدّارِ وَأُقْتَلُ وَمَنْ مَعِي . فَقَالَ حُيَيّ : لَك مَا فِي التّوْرَاةِ الّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى يَوْمَ طُورِ سَيْنَاءَ ، لَئِنْ لَمْ يُقْتَلْ مُحَمّدٌ فِي هَذِهِ الْفَوْرَةِ وَرَجَعَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبُوا مُحَمّدًا ، لَأَدْخُلَن مَعَك حِصْنَك حَتّى يُصِيبَنِي مَا أَصَابَك . فَنَقَضَ كَعْبٌ الْعَهْدَ الّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَعَا حُيَيّ بِالْكِتَابِ الّذِي كَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَهُمْ فَشَقّهُ حُيَيّ ، فَلَمّا شَقّهُ حُيَيّ عَلِمَ أَنّ الْأَمْرَ قَدْ لَحَمَ وَفَسَدَ فَخَرَجَ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ وَهُمْ حِلَقٌ حَوْلَ مَنْزِلِ كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ ، فَخَبّرَهُمْ الْخَبَرَ . يَقُولُ الزّبَيْرُ بْنُ بَاطَا : وَا هَلَاكَ الْيَهُودِ تُوَلّي قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ [ ص 456 ] وَيَتْرُكُونَنَا فِي عُقْرِ دَارِنَا وَأَمْوَالِنَا وَذَرَارِيّنَا ، وَلَا قُوّةَ لَنَا بِمُحَمّدٍ مَا بَاتَ يَهُودِيّ عَلَى حُزَمٍ قَطّ ، وَلَا قَامَتْ يَهُودِيّةٌ بِيَثْرِبَ أَبَدًا . ثُمّ أَرْسَلَ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ إلَى نَفَرٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْيَهُودِ خَمْسَةً - الزّبَيْرَ بْنَ بَاطَا ، وَنَبّاشَ بْنَ قَيْسٍ ، وَغَزّالَ بْنَ سَمَوْأَلٍ ، وَعُقْبَةَ بْنَ زَيْدٍ ، وَكَعْبَ بْنَ زَيْدٍ فَخَبّرَهُمْ خَبَرَ حُيَيّ وَمَا أَعْطَاهُ حُيَيّ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ فَيَدْخُلَ مَعَهُ فَيُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُ . يَقُولُ الزّبَيْرُ بْنُ بَاطَا : وَمَا حَاجَتُك إلَى أَنْ تُقْتَلَ وَيُقْتَلَ مَعَك حُيَيّ قَالَ فَأُسْكِتَ كَعْبٌ وَقَالَ الْقَوْمُ نَحْنُ نَكْرَهُ نُزْرِي بِرَأْيِك أَوْ نُخَالِفُك ، وَحُيَيّ مَنْ قَدْ عَرَفْت شُومَهُ . وَنَدِمَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ عَلَى مَا صَنَعَ مِنْ نَقْضِ الْعَهْدِ وَلَحَمَ الْأَمْرُ لَمّا أَرَادَ اللّهُ تَعَالَى مِنْ حَرْبِهِمْ وَهَلَاكِهِمْ . فَبَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي الْخَنْدَقِ أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ فِي قُبّتِهِ - وَقُبّةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَضْرُوبَةٌ مِنْ أَدَمٍ فِي أَصْلِ الْجَبَلِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الّذِي فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ - مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى خَنْدَقِهِمْ يَتَنَاوَبُونَ مَعَهُمْ بِضْعَةً وَثَلَاثُونَ فَرَسًا ، وَالْفُرْسَانُ يَطُوفُونَ عَلَى الْخَنْدَقِ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ يَتَعَاهَدُونَ رِجَالًا وَضَعُوهُمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ إلَى أَنْ جَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ بَلَغَنِي أَنّ بَنِي قُرَيْظَةَ قَدْ نَقَضَتْ الْعَهْدَ وَحَارَبَتْ . فَاشْتَدّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ مَنْ نَبْعَثُ يَعْلَمُ لَنَا عِلْمَهُمْ ؟ فَقَالَ عُمَرُ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ . فَكَانَ أَوّلَ النّاسِ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ ، فَقَالَ اذْهَبْ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ . فَذَهَبَ الزّبَيْرُ فَنَظَرَ ثُمّ رَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ رَأَيْتهمْ يُصْلِحُونَ حُصُونَهُمْ وَيُدْرِبُونَ طُرُقَهُمْ وَقَدْ جَمَعُوا مَاشِيَتَهُمْ . فَذَلِكَ حِينَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ لِكُلّ نَبِيّ حَوَارِيّا ، وَحَوَارِيّ الزّبَيْرُ وَابْنُ عَمّتِي [ ص 457 ] ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ فَقَالَ إنّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنّ بَنِي قُرَيْظَةَ قَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ الّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَحَارَبُوا ، فَاذْهَبُوا فَانْظُرُوا إنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي حَقّا ; فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَأَظْهِرُوا الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ حَقّا فَتَكَلّمُوا بِكَلَامٍ تَلْحَنُونَ لِي بِهِ أَعْرِفُهُ لَا تَفُتّوا أَعْضَادَ الْمُسْلِمِينَ . فَلَمّا انْتَهَوْا إلَى كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ وَجَدُوا الْقَوْمَ قَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَنَاشَدُوهُمْ اللّهَ وَالْعَهْدَ الّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِمَ الْأَمْرُ وَأَلّا يُطِيعُوا حُيَيّ بْنَ أَخْطَبَ . فَقَالَ كَعْبٌ لَا نَرُدّهُ أَبَدًا ، قَدْ قَطَعْته كَمَا قَطَعْت هَذَا الْقِبَالَ لِقِبَالِ نَعْلِهِ . وَوَقَعَ كَعْبٌ بِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَسُبّهُ فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ تَسُبّ سَيّدَك يَا عَدُوّ اللّهِ ؟ مَا أَنْتَ لَهُ بِكُفْءٍ أَمَا وَاَللّهِ يَا ابْنَ الْيَهُودِ ، لَتُوَلّيَن قُرَيْشٌ إنْ شَاءَ اللّهُ مُنْهَزِمَةً وَتَتْرُكُك فِي عُقْرِ دَارِك ، فَنَسِيرُ إلَيْك فَتَنْزِلُ مِنْ جُحْرِك هَذَا عَلَى حُكْمِنَا . وَإِنّك لَتَعْلَمُ النّضِيرَ كَانُوا أَعَزّ مِنْك وَأَعْظَمَ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ دِيَتُك نِصْفُ دِيَتِهِمْ وَقَدْ رَأَيْت مَا صَنَعَ اللّهُ بِهِمْ . وَقَبْلَ ذَلِكَ بَنُو قَيْنُقَاعَ ، نَزَلُوا عَلَى حُكْمِنَا . قَالَ كَعْبٌ يَا ابْنَ الْحُضَيْرِ تُخَوّفُونَنِي بِالْمَسِيرِ إلَيّ ؟ أَمَا وَالتّوْرَاة ِ ، لَقَدْ رَآنِي أَبُوك يَوْمَ بُعَاثَ - لَوْلَا نَحْنُ لَأَجْلَتْهُ الْخَزْرَجُ مِنْهَا . إنّكُمْ وَاَللّهِ مَا لَقِيتُمْ أَحَدًا يُحْسِنُ الْقِتَالَ وَلَا يَعْرِفُهُ نَحْنُ وَاَللّهِ نُحْسِنُ قِتَالَكُمْ وَنَالُوا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمِنْ الْمُسْلِمِينَ أَقْبَحَ الْكَلَامِ وَشَتَمُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ شَتْمًا قَبِيحًا حَتّى أَغْضَبُوهُ . فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : دَعْهُمْ فَإِنّا لَمْ نَأْتِ لِهَذَا ، مَا بَيْنَنَا أَشَدّ مِنْ الْمُشَاتَمَةِ - السّيْفُ وَكَانَ [ ص 458 ] الّذِي يَشْتُمُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ نَبّاشُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ عَضِضْتَ بِبَظْرِ أُمّك فَانْتَفَضَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ غَضَبًا ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ : إنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ بَنِي النّضِيرِ . قَالَ غَزّالُ بْنُ سَمَوْأَلٍ : أَكَلْت أَيْرَ أَبِيك قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ أَحْسَنَ مِنْهُ . قَالَ ثُمّ رَجَعُوا إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمّا انْتَهَوْا إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : عَضَلُ وَالْقَارَةُ . وَسَكَتَ الرّجُلَانِ - يُرِيدُ بِعَضَلَ وَالْقَارَةَ غَدْرَهُمْ بِخُبَيْبٍ وَأَصْحَابِ الرّجِيعِ - ثُمّ جَلَسُوا . فَكَبّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ بِنَصْرِ اللّهِ وَعَوْنِهِ وَانْتَهَى الْخَبَرُ إلَى الْمُسْلِمِينَ بِنَقْضِ بَنِي قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ فَاشْتَدّ الْخَوْفُ وَعَظُمَ الْبَلَاءُ . قُرِئَ عَلَى ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الثّلْجِيّ قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ ، قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ أَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، وَسَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ ، وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ رَوَاحَةَ ، وَخَوّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ . قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ : وَالْأَوّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا . قَالُوا : وَنَجَمَ النّفَاقُ وَفَشِلَ النّاسُ وَعَظُمَ الْبَلَاءُ وَاشْتَدّ الْخَوْفُ وَخِيفَ عَلَى الذّرَارِيّ وَالنّسَاءِ وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللّهُ تَعَالَى : إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُسْلِمُونَ وِجَاهَ الْعَدُوّ لَا يَسْتَطِيعُونَ الزّوَالَ عَنْ مَكَانِهِمْ يَعْتَقِبُونَ خَنْدَقَهُمْ وَيَحْرُسُونَهُ . وَتَكَلّمَ قَوْمٌ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ فَقَالَ مُعَتّبُ بْنُ قُشَيْرٍ : يَعِدُنَا مُحَمّدٌ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَأَحَدُنَا لَا [ ص 459 ] يَأْمَنُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى حَاجَتِهِ وَمَا وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ إلّا غُرُورًا فَحَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّي لَأَرْجُو أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيق ِ وَآخُذَ الْمِفْتَاحَ وَلَيُهْلِكَن اللّهُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَلَتُنْفَقَن أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ - يَقُولُ ذَلِكَ حِينَ رَأَى مَا بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ الْكَرْبِ . فَسَمِعَهُ مُعَتّبٌ فَقَالَ مَا قَالَ . فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ قَالَ هَمّتْ بَنُو قُرَيْظَةَ أَنْ يُغَيّرُوا عَلَى بَيْضَةِ الْمَدِينَةِ لَيْلًا ، فَأَرْسَلُوا حُيَيّ بْنَ أَخْطَبَ إلَى قُرَيْشٍ أَنْ يَأْتِيَهُمْ مِنْهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ وَمِنْ غَطَفَانَ أَلْفٌ فَيُغِيرُوا بِهِمْ . فَجَاءَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ فَعَظُمَ الْبَلَاءُ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَبْعَثُ سَلَمَةَ بْنَ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ الْأَشْهَلِيّ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ يَحْرَسُونَ الْمَدِينَةَ وَيُظْهِرُونَ التّكْبِيرَ وَمَعَهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا أَصْبَحُوا أَمّنُوا . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ لَقَدْ خِفْنَا عَلَى الذّرَارِيّ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَشَدّ [ مِنْ ] خَوْفِنَا مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ ، وَلَقَدْ كُنْت أُوفِي عَلَى سَلْعٍ فَأَنْظُرُ إلَى بُيُوتِ الْمَدِينَةِ ، فَإِذَا رَأَيْتهمْ هَادِينَ حَمِدْت اللّهَ عَزّ وَجَلّ فَكَانَ مِمّا رَدّ اللّهُ بِهِ قُرَيْظَةَ عَمّا أَرَادُوا أَنّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ تُحْرَسُ . حَدّثَنِي صَالِحُ بْنُ خَوّاتٍ عَنْ ابْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ خَوّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ : دَعَانِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَنَحْنُ مُحَاصِرُو الْخَنْدَقِ ، فَقَالَ انْطَلِقْ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَانْظُرْ هَلْ تَرَى لَهُمْ غُرّةً أَوْ خَلَلًا مِنْ مَوْضِعٍ فَتُخْبِرُنِي . قَالَ فَخَرَجْت مِنْ عِنْدِهِ عِنْدَ غُرُوبِ الشّمْسِ فَتَدَلّيْت مِنْ سَلْعٍ وَغَرَبَتْ [ ص 460 ]

19 Ahzâb, 33/9.

يَٓا اَيُّهَا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ اِذْ جَٓاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَاَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ ر۪يحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَاۜ وَكَانَ اللّٰهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَص۪يرًاۚ ﴿9﴾

20 Enfâl, 8/58.

وَاِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ اِلَيْهِمْ عَلٰى سَوَٓاءٍۜ اِنَّ اللّٰهَ لَا يُحِبُّ الْخَٓائِن۪ينَ۟ ﴿58﴾

21 HS4/192 İbn Hişâm, Sîret, 4, 192

وسجد وإني لقيه فلما سلم أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين الى بلادهم الرجوع من الخندق قال ابن اسحاق ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا الى المدينة والمسلمين ووضعوا السلاح غزوة بني قريظة في سنة خمس جبريل يأتي بحرب بني قريظة فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني الزهري معتجرا بعمامة من إستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج فقال أوقد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم فقال جبريل فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير الى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن في الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة B946 Buhârî, Salâtü’l-havf, 5. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ « لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِى بَنِى قُرَيْظَةَ » . فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِى الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ نُصَلِّى حَتَّى نَأْتِيَهَا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّى لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ . فَذُكِرَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ .

22 VM2/497 Vâkıdî, Meğâzî, II, 497-501.

يُؤْمَرْ بِقِتَالِهِمْ حَتّى جَاءَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السّلَامُ -. وَكَانَتْ امْرَأَةُ نَبّاشِ بْنِ قَيْسٍ قَدْ رَأَتْ وَالْمُسْلِمُونَ فِي حِصَارِ الْخَنْدَقِ، قَالَتْ أَرَى الْخَنْدَقَ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ، وَأَرَى النّاسَ تَحَوّلُوا إلَيْنَا وَنَحْنُ فِي حُصُونِنَا قَدْ ذُبِحْنَا [ذَبْحَ] الْغَنَمِ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا، فَخَرَجَ زَوْجُهَا فَذَكَرَهَا لِلزّبَيْرِ بْنِ بَاطَا، فَقَالَ الزّبَيْرُ مَا لَهَا لَا نَامَتْ عَيْنُهَا، تُوَلّي قُرَيْشٌ وَيَحْصُرُنَا مُحَمّدٌ وَالتّوْرَاة، وَلَمَا بَعْدَ الْحِصَارِ أَشَدّ مِنْهُ! قَالُوا: فَلَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْخَنْدَقِ دَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا - فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَاغْتَسَلَ وَدَعَا بِالْمِجْمَرَةِ لِيُجْمِرَ وَقَدْ صَلّى الظّهْرَ وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى بَغْلَةٍ عَلَيْهَا رِحَالَةٌ وَعَلَيْهَا قَطِيفَةٌ عَلَى ثَنَايَاهُ النّقْعُ فَوَقَفَ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَنَادَى: عَذِيرَك مِنْ مُحَارِبٍ قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَزِعًا فَقَالَ : "أَلَا أَرَاك وَضَعْت اللّأْمَةَ وَلَمْ تَضَعْهَا الْمَلَائِكَةُ بَعْدُ ؟ لَقَدْ طَرَدْنَاهُمْ إلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ، إنّ اللّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَسِيرَ إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنّي عَامِدٌ إلَيْهِمْ فَمُزَلْزِلٌ بِهِمْ حُصُونَهُمْ". وَيُقَالُ: جَاءَهُ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ. فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيّا - عَلَيْهِ السّلَامُ - فَدَفَعَ إلَيْهِ لِوَاءً وَكَانَ اللّوَاءُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يُحَلّ مِنْ مَرْجِعِهِ مِنْ الْخَنْدَقِ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَذّنَ فِي النّاسِ إنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُكُمْ أَلّا تُصَلّوا الْعَصْرَ إلّا بِبَنِي قُرَيْظَةَ. وَلَبِسَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السّلَاحَ وَالْمِغْفَرَ وَالدّرْعَ وَالْبَيْضَةَ وَأَخَذَ قَنَاةً بِيَدِهِ وَتَقَلّدَ التّرْسَ وَرَكِبَ فَرَسَهُ وَحَفّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَتَلَبّسُوا السّلَاحَ وَرَكِبُوا الْخَيْلَ وَكَانَتْ سِتّةً وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ص. 497) قَدْ قَادَ فَرَسَيْنِ وَرَكِبَ وَاحِدًا. يُقَالُ لَهُ اللّحَيْفُ فَكَانَتْ ثَلَاثَةُ أَفْرَاسٍ مَعَهُ. وَعَلِيّ - عَلَيْهِ السّلَامُ - فَارِسٌ، وَمَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ. وَفِي بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ: عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ - فَارِسٌ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُكّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَارِسٌ، وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَالزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ. وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ: عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ. وَمِنْ بَنِي تَيْمٍ: أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللّهِ. وَمِنْ بَنِي عَدِيّ: عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ. وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيّ: عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَخْرَمَةَ. وَمِنْ بَنِي فِهْرٍ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرّاحِ. وَمِنْ الْأَوْسِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَمُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَبُو نَائِلَةَ وَسَعْدُ بْنُ زَيْدٍ. وَمِنْ بَنِي ظَفَرٍ: قَتَادَةُ بْنُ النّعْمَانِ. وَمِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيّ وَثَابِتُ بْنُ أَقْرَمَ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلَمَةَ. وَمِنْ بَنِي سَلِمَةَ: الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَمُوحِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ. وَمِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النّجّارِ: عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أُبَيّ. وَفِي بَنِي زُرَيْقٍ رُقَادُ بْنُ لَبِيدٍ وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو عَيّاشٍ وَمُعَاذُ بْنُ رِفَاعَةَ. وَمِنْ بَنِي سَاعِدَةَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَيّوبَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَصْحَابِهِ وَالْخَيْلُ وَالرّجّالَةُ حَوْلَهُ فَمَرّ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفَرٍ مِنْ بَنِي النّجّارِ بِالصّورَيْنِ فِيهِمْ حَارِثَةُ بْنُ النّعْمَانِ، قَدْ صَفّوا عَلَيْهِمْ السّلَاحَ فَقَالَ: "هَلْ مَرّ بِكُمْ أَحَدٌ ؟" قَالُوا: نَعَمْ دِحْيَةُ الْكَلْبِيّ مَرّ عَلَى بَغْلَةٍ عَلَيْهَا رِحَالَةٌ عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ مِنْ (ص. 498) إسْتَبْرَقٍ فَأَمَرَنَا بِلُبْسِ السّلَاحِ فَأَخَذْنَا سِلَاحَنَا وَصَفَفْنَا، وَقَالَ لَنَا: هَذَا رَسُولُ اللّهِ يَطّلِعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ. قَالَ حَارِثَةُ بْنُ النّعْمَانِ: فَكُنّا صَفّيْنِ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "ذَلِكَ جِبْرِيلُ". فَكَانَ حَارِثَةُ بْنُ النّعْمَانِ يَقُولُ رَأَيْت جِبْرِيلَ مِنْ الدّهْرِ مَرّتَيْنِ - يَوْمَ الصّورَيْنِ وَيَوْمَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ حِينَ رَجَعْنَا مِنْ حُنَيْنٍ. وَانْتَهَى رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَنَزَلَ عَلَى بِئْرٍ لَنَا أَسْفَلَ حَرّةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَ عَلِيّ - عَلَيْهِ السّلَامُ - قَدْ سَبَقَ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ. فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: انْتَهَيْنَا إلَيْهِمْ فَلَمّا رَأَوْنَا أَيْقَنُوا بِالشّرّ وَغَرَزَ عَلِيّ - عَلَيْهِ السّلَامُ - الرّايَةَ عِنْدَ أَصْلِ الْحِصْنِ فَاسْتَقْبَلُونَا فِي صَيَاصِيِهِمْ يَشْتُمُونَ رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَزْوَاجَهُ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: وَسَكَتْنَا وَقُلْنَا: السّيْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَطَلَعَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمّا رَآهُ عَلِيّ - عَلَيْهِ السّلَامُ - رَجَعَ إلَى رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَنِي أَنْ أَلْزَمَ اللّوَاءَ فَلَزِمْته، وَكَرِهَ أَنْ يَسْمَعَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَاهُمْ وَشَتْمَهُمْ. فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِمْ وَتَقَدّمَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ يَا أَعْدَاءَ اللّهِ لَا نَبْرَحُ حِصْنَكُمْ حَتّى تَمُوتُوا جُوعًا. إنّمَا أَنْتُمْ بِمَنْزِلَةِ ثَعْلَبٍ فِي جُحْرٍ. قَالُوا: يَا ابْنَ الْحُضَيْرِ نَحْنُ مَوَالِيكُمْ دُونَ الْخَزْرَجِ وَخَارُوا، وَقَالَ لَا عَهْدَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَلَا إلّ3. وَدَنَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ وَتَرّسْنَا عَنْهُ فَقَالَ: (ص. 499) يَا إخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَعَبَدَةَ الطّوَاغِيتِ أَتَشْتُمُونَنِي ؟ قَالَ: فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ بِالتّوْرَاةِ الّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى: مَا فَعَلْنَا وَيَقُولُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْت جَهُولًا ثُمّ قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرّمَاةَ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَحَدّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهَا، قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "يَا سَعْدُ تَقَدّمَ فَارْمِهِمْ" فَتَقَدّمْت حَيْثُ تَبْلُغُهُمْ نَبْلِي، وَمَعِي نَيّفٌ عَلَى الْخَمْسِينَ فَرَمَيْنَاهُمْ سَاعَةً وَكَأَنّ نَبْلَنَا مِثْلُ جَرَادٍ فَانْجَحَرُوا فَلَمْ يَطْلُعْ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَأَشْفَقْنَا عَلَى نَبْلِنَا أَنْ يَذْهَبَ فَجَعَلْنَا نَرْمِي بَعْضَهَا وَنُمْسِكُ الْبَعْضَ. فَكَانَ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو الْمَازِنِيّ - وَكَانَ رَامِيًا - يَقُولُ: رَمَيْت يَوْمَئِذٍ بِمَا فِي كِنَانَتِي، حَتّى أَمْسَكْنَا عَنْهُمْ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللّيْلِ. قَالَ: وَقَدْ رَمَوْنَا وَرَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفٌ عَلَى فَرَسِهِ عَلَيْهِ السّلَاحُ وَأَصْحَابُ الْخَيْلِ حَوْلَهُ ثُمّ أَمَرَنَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْصَرَفْنَا إلَى مَنْزِلِنَا وَعَسْكَرْنَا فَبِتْنَا، وَكَانَ طَعَامُنَا تَمْرًا بَعَثَ بِهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، أَحْمَالَ تَمْرٍ فَبِتْنَا 3 نَأْكُلُ مِنْهَا، وَلَقَدْ رُئِيَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَأْكُلُونَ مِنْ ذَلِكَ التّمْرِ وَرَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "نِعْمَ الطّعَامُ التّمْرُ". وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِشَاءً فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُصَلّ حَتّى جَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ صَلّى، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا عَابَ عَلَى أَحَدٍ صَلّى، وَلَا عَلَى أَحَدٍ لَمْ يُصَلّ حَتّى بَلَغَ بَنِي قُرَيْظَةَ. ثُمّ غَدَوْنَا (ص. 500) عَلَيْهِمْ بِسُحْرَةٍ فَقَدّمَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرّمَاةَ وَعَبّأَ أَصْحَابَهُ فَأَحَاطُوا بِحُصُونِهِمْ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يُرَامُونَهُمْ بِالنّبْلِ وَالْحِجَارَةِ وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَعْتَقِبُونَ فَيُعْقِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَمَا بَرِحَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَامِيهِمْ حَتّى أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ. فَحَدّثَنِي الضّحّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانُوا يُرَامُونَنَا مِنْ حُصُونِهِمْ بِالنّبْلِ وَالْحِجَارَةِ أَشَدّ الرّمْيِ وَكُنّا نَقُومُ حَيْثُ تَبْلُغُهُمْ نَبْلُنَا. فَحَدّثَنِي الضّحّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودٍ قَالَ قَالَ مُحَمّد بْنُ مَسْلَمَةَ حَصَرْنَاهُمْ أَشَدّ الْحِصَارِ فَلَقَدْ رَأَيْتنَا يَوْمَ غَدَوْنَا عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْفَجْرِ فَجَعَلْنَا نَدْنُو مِنْ الْحِصْنِ وَنَرْمِيهِمْ مِنْ كَثَبٍ وَلَزِمْنَا حُصُونَهُمْ فَلَمْ نُفَارِقْهَا حَتّى أَمْسَيْنَا، وَحَضّنَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْجِهَادِ وَالصّبْرِ. ثُمّ بِتْنَا عَلَى حُصُونِهِمْ مَا رَجَعْنَا إلَى مُعَسْكَرِنَا حَتّى تَرَكُوا قِتَالَنَا وَأَمْسَكُوا عَنْهُ وَقَالُوا: نُكَلّمُك. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "نَعَمْ". فَأَنْزَلُوا نَبّاشَ بْنَ قَيْسٍ، فَكَلّمَ رَسُولَ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاعَةً وَقَالَ يَا مُحَمّدُ نَنْزِلُ عَلَى مَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ بَنُو النّضِيرِ، لَك الْأَمْوَالُ وَالْحَلْقَةُ وَتَحْقِنُ دِمَاءَنَا، وَنَخْرُجُ مِنْ بِلَادِكُمْ بِالنّسَاءِ وَالذّرَارِيّ وَلَنَا مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ إلّا الْحَلْقَةَ. فَأَبَى رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: فَتَحْقِنُ دِمَاءَنَا وَتُسَلّمُ لَنَا النّسَاءَ وَالذّرّيّةَ وَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيمَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "لَا، إلّا أَنْ تَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِي". فَرَجَعَ نَبّاشٌ إلَى أَصْحَابِهِ بِمَقَالَةِ رَسُولِ اللّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ: يَا مَعْشَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَاَللّهِ إنّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنّ مُحَمّدًا نَبِيّ اللّهِ وَمَا مَنَعَنَا مِنْ الدّخُولِ مَعَهُ إلّا الْحَسَدُ لِلْعَرَبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نَبِيّا من بني (ص. 501)