Hadislerle İslâm Cilt 6 Sayfa 166

muhacirleri hakkındaki bu güzel şehâdetinden daha büyük ve daha sevinç verici olamazdı. O kadar ki sahâbîlerden bazısı defalarca Esmâ"ya gelerek Allah Resûlü"nün bu sözlerini ondan tekrar tekrar dinlemek istemişti.5

Sevgili Peygamberimiz, Habeşistan muhacirlerine iki hicret sevabı olduğunu bildirirken ne kadar da haklıydı. Çünkü onlar, İslâm"ın ilk yıllarında Mekke müşriklerinin baskı ve zulümlerine maruz kalmışlardı. Mekke"de 610 yılında Hira Mağarası"nda doğan hidayet güneşi yayıldıkça Mekkeli putperestlerin Müslümanlara karşı olan baskı ve şiddeti de çoğalmıştı. Hakaret ve işkencelere maruz kalan Müslümanlar, canlarından da endişe eder duruma gelmişlerdi. Doğup büyüdükleri, o çok sevdikleri yurtları Mekke, artık onlara dar geliyordu.6

Allah Resûlü"nün vahye muhatap oluşunun üzerinden henüz beş yıl geçmişti. 615 yılının Recep ayıydı.7 Ashâbının çektiği eziyet ve işkenceye karşı bir şey yapamamanın ızdırabını duyan Rahmet Peygamberi, onlara bu sıkıntıdan kurtulabilmeleri için hicret etmelerini tavsiye etmişti. Kuşkusuz kolay değildi insanın her şeyini ardında bırakarak hiç bilmediği diyarlara göç etmesi. Ancak bu göç, inandığı dini yaşamak gibi ulvî bir değer uğruna yapılınca, mükâfatı da bir o kadar yüce olmaktaydı. Zira Allah Teâlâ, bu kutlu insanlar için şöyle buyuruyordu: “Zulme uğradıktan sonra Allah yolunda hicret edenlere gelince, elbette onları dünyada güzel bir şekilde yerleştiririz. Âhiret mükâfatı ise daha büyüktür. Keşke bilselerdi.” 8 Bu ilâhî müjdeye nail olabilmek için inananların yolculuk yapacakları yer ise Allah Resûlü"nün sevdiği ve güvendiği bir memleket olan Habeşistan"dı.9

Habeşistan, o dönemde ticarî yolculukların yapıldığı, deniz yoluyla ulaşılma imkânına sahip olan, Müslümanlarca da bilinen bir ülkeydi. Bununla birlikte, hicret için tercih edilmesinin asıl sebebi güvenli bir yer olmasıydı. Arabistan çevresindeki diğer bölgeler, yeni bir dine mensup olan bu insanları kabul etmezdi. Semavî bir din olan Hıristiyanlığı benimseyen ve âdil bir hükümdara sahip olan Habeşistan, hicret için en uygun ülke idi. Nitekim Allah Resûlü, “Habeşistan"da, ülkesinde hiç kimseye zulmedilmeyen bir kral vardır. Allah sizin için bu durumdan bir çıkış ve kurtuluş yolu gösterinceye kadar orada kalın.” 10 demişti. Böylece, Allah Resûlü"nün övdüğü ve vefatında da, “Bugün Allah"ın salih bir kulu olan Ashame (Necâşî) vefat etti.” 11 diye nitelendirdiği ve güvendiği Necâşî"nin ülkesine hicret izni verilmiş oldu.

İslâm"ın ilk hicreti böylece Habeşistan"a gerçekleştiriliyordu. Ashâbdan on bir erkek, dört kadın, Şuaybe Limanı"ndan bindikleri gemiyle Kızıldeniz"i

    

Dipnotlar

5 M6411 Müslim, Fedâilü’s-sahâbe, 169.

قَالَ فَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ - وَهِىَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا - عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ . قَالَ عُمَرُ الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ نَعَمْ . فَقَالَ عُمَرُ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكُمْ . فَغَضِبَتْ وَقَالَتْ كَلِمَةً كَذَبْتَ يَا عُمَرُ كَلاَّ وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِى دَارِ أَوْ فِى أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ فِى الْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِى اللَّهِ وَفِى رَسُولِهِ وَايْمُ اللَّهِ لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَسْأَلُهُ وَوَاللَّهِ لاَ أَكْذِبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ . قَالَ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لَيْسَ بِأَحَقَّ بِى مِنْكُمْ وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ » . قَالَتْ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِى أَرْسَالاً يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالَ أَبُو بُرْدَةَ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى .

6 BS18232 Beyhakî, es-Sünenü’l-kübrâ, IX, 17

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِىَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلاَءِ وَالْفِتْنَةِ فِى دِينِهِمْ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاَ يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى مَنْعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ شَىْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَمَّا يَنَالُ أَصْحَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لاَ يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلاَدِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ ». فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالاً حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِهَا فَنَزَلْنَا ِخَيْرِ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. İS214 İbn İshâk, Sîret, I, 214 [ نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال : و منع الله عز و جل بأبي طالب رسوله صلى الله عليه و سلم فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه و ما يصيبهم من البلاء و الشدة و أن الله تعالى قد أعفاه من ذلك و أنه لا يقدر على أن يمنعهم من قومهم و أنه ليس في قومهم من يمنعهم كما منعه أبو طالب أمرهم بالهجرة إلى أرض الحبشة و قال لهم : إن بها ملكا لا يظلم الناس ببلاده في أرض صدق فتحرزوا عنده حتى يأتيكم الله عز و جل بفرج منه و يجعل لي و لكم مخرجا فهاجر رجال من أصحابه إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة و فروا إلى الله عز و جل بدينهم و استخفى آخرون بإسلامهم ] [ نا يونس عن عيسى بن عبد الله التميمي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله عز و جل : { و عد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم } الآية : فمكث رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة عشر سنين بعد ما أوحي إليه خائفا هو و أصحابه يدعون الله عز و جل سرا و علانية ثم أمروا بالهجرة إلى المدينة و كانوا بها خائفين يمسون و يصبحون في السلاح فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله أما يأتي علينا يوم نأمن فيه و نضع السلاح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لن تعبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم ليس فيه حديد فأنزل الله عز و جل هذه الآية : { وعد الله الذين آمنوا منكم و عملوا الصالحات } إلى آخر الآية لقول الرجل و لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم و قوله : { فمن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون } HS2/164 İbn Hişâm, Sîret, II, 164. قال ابن إسحاق : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم : لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام أوائل المهاجرين إلى الحبشة وكان أول من خرج من المسلمين من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر : عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني عبد شمس بن عبد مناف : أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس معه امرأته : سهلة بنت سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة ومن بني أسد بن عبدالعزى بن قصي : الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبدالدار بن قصي : مصعب بن عمير بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار ومن بني زهرة بن كلاب : عبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة : أبو سلمة بن عبدالأسد بن هلال بن ( 2 / 165 ) عبدالله بن عمر بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب : عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني عدي بن كعب : عامر بن ربيعة حليف آل الخطاب من عنز بن وائل - قال ابن هشام : و يقال : من عنزة بن أسد بن ربيعة - معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبدالله بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ومن بني عامر بن لؤي : أبو سبرة بن أبي رهم بن عبدالعزى بن أبي قيس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ويقال : بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ويقال : هو أول من قدمها ومن بني الحارث بن فهر : سهيل بن بيضاء و هو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة فيما بلغني قال ابن هشام : وكان عليهم عثمان بن مظعون فيما ذكر لي بعض أهل العلم قال ابن إسحاق : ثم خرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة فكانوا بها منهم من خرج بأهله معه ومنهم من خرج بنفسه لا أهل له معه

7 ST1/203 İbn Sa’d, Tabakât, I, 204.

( ذكر هجرة من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أرض الحبشة في المرة الأولى ) أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا هشام بن سعد عن الزهري قال لما كثر المسلمون وظهر الإيمان وتحدث به ثار ناس كثير من المشركين من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم فعذبوهم وسجنوهم وأردوا فتنتهم عن دينهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم تفرقوا في الأرض فقالوا أين نذهب يا رسول الله قال ههنا وأشار (203) إلى الحبشة وكانت أحب الأرض إليه أن يهاجر قبلها فهاجر ناس ذوو عدد من المسلمين منهم من هاجر معه بأهله ومنهم من هاجر بنفسه حتى قدموا أرض الحبشة أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا يونس بن محمد الظفري عن أبيه عن رجل من قومه قال وأخبرنا عبيد الله بن العباس الهذلي عن الحارث بن الفضيل قالا فخرجوا متسللين سرا وكانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة حتى انتهوا إلى الشعيبة منهم الراكب والماشي ووفق الله تعالى للمسلمين ساعة جاؤوا سفينتين للتجار حملوهم فيهما إلى أرض الحبشة بنصف دينار وكان مخرجهم في رجب من السنة الخامسة من حين نبيء رسول الله صلى الله عليه و سلم وخرجت قريش في آثارهم حتى جاؤوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحدا قالوا وقدمنا أرض الحبشة فجاورنا بها خير جار أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد عن أبيه قال وحدثني عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن يحيى بن حبان قال تسمية القوم الرجال والنساء عثمان بن عفان معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبدبن الحارث بن زهرة وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة وعثمان بن مظعون الجمحي وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي بن كعب معه امرأته ليلى بنت أبي حتمة وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى العامري وحاطب بن عمرو بن عبد شمس وسهيل بن بيضاء من بني الحارث بن فهر وعبد الله بن مسعود حليف بني زهرة (204) ( ذكر سبب رجوع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة ) أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد بن فضالة الظفري عن أبيه قال وحدثني كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قالا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه كفا عنه فجلس خاليا فتمنى فقال ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم والنجم إذا هوى حتى إذا بلغ أرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان كلمتين على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما ثم مضى فقرأ السورة كلها وسجد وسجد القوم جميعا ورفع الوليد بن المغيرة ترابا إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود ويقال إن أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ ترابا فسجد عليه رفعه إلى جبهته وكان شيخا كبيرا فبعض الناس يقول إنما الذي رفع التراب الوليد وبعضهم يقول أبو أحيحة وبعضهم يقول كلاهما جميعا فعل ذلك فرضوا بما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده وأما إذ جعلت لها نصيبا فنحن معك فكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم حتى جلس في البيت فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة فقال جبريل جئتك بهاتين الكلمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت على الله ما لم يقل فأوحى الله إليه (205) وان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لأتخذوك خليلا إلى قوله ثم لا تجد لك علينا نصيرا أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال فشت تلك السجدة في الناس حتى بلغت أرض الحبشة فبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة قد سجدوا وأسلموا حتى أن الوليد بن المغيرة وأبا أحيحة قد سجدا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال القوم فمن بقي بمكة إذا أسلم هؤلاء وقالوا عشائرنا أحب إلينا فخرجوا راجعين حتى غذا كانوا دون مكة بساعة من نهار لقوا ركبا من كنانة فسألوهم عن قريش وعن حالهم فقال الركب ذكر محمد وآلهتهم بخير فتابعه الملأ ثم ارتد عنها فعاد لشتم آلهتهم وعادوا له بالشر فتركناهم على ذلك فأتمر القوم في الرجوع الى أرض الحبشة ثم قالوا قد بلغنا ندخل فننظر ما فيه قريش ويحدث عهدا من أراد بأهله ثم يرجع أخبرنا محمد بن عمر قال فحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال دخلوا مكة ولم يدخل أحد منهم إلا بجوار إلا بن مسعود فإنه مكث يسيرا ثم رجع إلى أرض الحبشة قال محمد بن عمر فكانوا خرجوا في رجب سنة خمس فأقاموا شعبان وشهر رمضان وكانت السجدة في شهر رمضان وقدموا في شوال سنة خمس (206) ( ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة ) أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني سيف بن سليمان عن بن أبي نجيح قال وحدثني عتبة بن جبيرة الأشهلي عن يعقوب بن عمر بن قتادة قال سمعت شيخا من بني مخزوم يحدث أنه سمع أم سلمة قال وحدثنا عبد الله بن محمد الجمحي عن أبيه عن عبد الرحمن بن سابط قالوا لما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مكة من الهجرة الأولى اشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديدا فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية فكانت خرجتهم الآخرة أعظمها مشقة ولقوا من قريش تعنيفا شديدا ونالوهم بالأذى واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم فقال عثمان بن عفان يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي ولست معنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم مهاجرون إلى الله وإلي لكم هاتان الهجرتان جميعا قال عثمان فحسبنا يا رسول الله وكان عدة من خرج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين رجلا ومن النساء إحدى عشرة أمرأة قرشية وسبع غرائب فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي بأحسن جوار فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا ومن النساء ثماني نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعة نفر وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا فلما كان شهر ربيع الأول سنة سبع من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري فلما قرئ عليه الكتاب أسلم وقال لو قدرت أن آتيه لأتيته وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وكانت فيمن هاجر إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصر هناك ومات فزوجه النجاشي إياها وأصدق عنه أربعمائة دينار وكان الذي ولي تزويجها خالد بن سعيد بن العاص وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه من بقي عنده من أصحابه ويحملهم ففعل وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري فأرسلوا بهم إلى ساحل بولا وهو الجار ثم تكاروا الظهر حتى قدموا المدينة فيجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فشخصوا إليه فوجدوه قد فتح خيبر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم ففعلوا (207)

8 Nahl, 16/41.

وَالَّذ۪ينَ هَاجَرُوا فِي اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةًۜ وَلَاَجْرُ الْاٰخِرَةِ اَكْبَرُۢ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَۙ ﴿41﴾

9 MA9743 Abdürrezzâk, Musannef, V, 384

عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في حديثه في عروة قال : فلما كثر المسلمون وظهر الايمان ، فتحدث به المشركون من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم ، يعذبونهم ويسجنونهم ، وأرادوا فتنتهم عن دينهم ، قال : فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للذين آمنوا به : تفرقوا في الارض ، قالوا : فأين نذهب يا رسول الله ؟ قال : هاهنا ، - وأشار بيده إلى أرض الحبشة ، وكانت أحب الارض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهاجر قبلها - فهاجر ناس ذو عدد ، منهم من هاجر بأهله ، ومنهم من هاجر بنفسه ، حتى قدموا أرض الحبشة ، قال الزهري : فخرج في الهجرة جعفر بن أبي طالب بامرأته أسماء بنت عميس الخثعمية ،وعثمان بن عفان - رحمه الله - بامرأته رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) ، وخرج فيها خالد بن سعيد بن العاص بامرأته أميمة (2) ابنة خلف ، وخرج فيها أبو سلمة بامرأته أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة ، ورجل (3) من قريش خرجوا بنسائهم ، فولد بها عبد الله بن جعفر ، وولدت بها أمة (4) ابنة خالد بن سعيد ، أم عمرو بن الزبير وخالد بن الزبير ، وولد بها الحارث بن حاطب (5) في ناس من قريش ولدوا بها. قال الزهري : وأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت : لم أعقل أبوي (6) قط إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر (7) علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار - بكرة وعشية - فلما ابتلي المسلمون ، خرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا قبل أرض الحبشة ، حتى إذا بلغ برك الغماد (8) لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة (9) ، فقال ابن الدغنة (1) : أين تريد ؟ يا أبا بكر ! فقال أبو بكر أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الارض ، وأعبد ربي ، فقال ابن الدغنة : مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار (2) ، فارجع فاعبد ربك ببلدك ، فارتحل ابن الدغنة ورجع مع أبي بكر ، فطاف ابن الدغنة في كفار قريش ، فقال : إن أبا بكر خرج ولا يخرج مثله ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق ؟ فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة ، وأمنوا أبا بكر ، وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، وليصل فيها ما شاء ، ولا يؤذينا ، ولا يستعلن بالصلاة والقراءة في غير داره ، ففعل ، ثم بدالابي بكر فبنى مسجدا بفناء (3) داره ، فكان يصلي فيه ويقرأ ، فيتقصف (4) عليه نساء المشركين وأبناءهم ، يعجبون منه ، وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلا بكاء ، لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن ، فأفزع ذلك أشراف قريش ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة ، فقدم عليهم ، فقالوا : إنما أجرنا أبا بكر على أن يعبد الله في داره ، وإنه قد جاوز ذلك ، وبنى مسجدا بفناء داره ، وأعلن الصلاة والقراءة ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فأته فأمره ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد الله في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك ، فاسأله أن يرد عليك ذمتك ، فإناقد كرهنا خفرك (1) ، و [ لسنا ] (2) مقرين لابي بكر بالاستعان ، قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر قد علمت الذي عقدت لك ، إما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في عهد رجل عقدت له ، فقال أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله ورسوله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين : إني قد أريت (3) دار هجرتكم ، إني أريت دارا سبخة ذات نخل ، بين لابتين ، وهما الحرتان ، فهاجر من هاجر قبل المدينة ، حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين ، وتجهز أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي ، فقال أبو بكر : أترجو ذلك ؟ يا نبي الله ! قال : نعم ، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته ، وعلف أبو بكر راحلتين كانتا عنده ورق السمر (1) أربعة أشهر ، قال الزهري : قال عروة : قالت عائشة : فبينا نحن يوما جلوسا في بيتنا ، في نحر الظهيرة ، قال قائل لابي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا (2) رأسه ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، فقال أبو بكر : فداله أبي وأمي ، إن جاء به في هذه الساعة إلا أمر (3) ، قالت : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذن ، فأذن له ، فدل ،...(4) فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فإنه قد أذن لي في الخروج ، فقال أبو بكر : فالصحابة (5) بأبي أنت يا رسول الله ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ، فقال أبو بكر : فخذ بأبي أنت يارسول الله وأمي إحدى (6) راحلتي هاتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بالثمن ، قالت عائشة : فجهزناهما أحث (7) الجهاز ، فصنعنا لهما سفرة (8) في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر من نطاقها (9) فأوكت (10) به الجراب ، فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين (1) ، ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل (2) يقال له ثور ، فمكثا (3) فيه ثلاث ليال (4). قال معمر : وأخبرني عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره في قوله * (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) * (5) قال : تشاورت قريش بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق ، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم : بل اقتلوه ، وقال بعضهم : أن أخرجوه ، فأطلع الله نبيه على ذلك ، فبت [ علي ] على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم لحق بالغار ، وبات المشركون يحرسون عليا ، يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحوا ثاروا إليه ، فلما رأوا عليا رد الله مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا ؟ قال : لا أدري ، فاقتصوا أثره ، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم الامر ، فصعدوا الجبل ، فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل هاهنا لم يكن بنسج العنكبوت على بابه ، فمكث فيه ثلاثا (6). قال معمر : قال قتادة : دخلوا في دار الندوة يأتمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : لايدخل معكم أحد ليس منكم ، فدخل معهم الشيطان في صورة شيخ من أهل نجد ، فقال بعضهم : ليس عليكم من هذا عين ، هذا رجل من أهل نجد ، قال : فتشاوروا ، فقال رجل منهم : أرى أن تركبوه بعيرا ثم تخرجوه ، فقال الشيطان : بئس ما رأى هذا ، هو هذا قد كان يفسد ما بينكم وهو بين أظهركم ، فكيف إذا أخرجتموه فأفسد الناس ، ثم حملهم عليكم ، يقاتلوكم ، فقالوا : نعم ما رأي هذا الشيخ ، فقال قائل آخر : فإني أرى أن تجعلوه في بيت وتطينو اعليه بابه ، وتدعوه فيه حتى يموت ، فقال الشيطان : بئس ما رأى هذا ، أفترى قومه يتركونه فيه أبدا ؟ لا بدأن يغضبوا له فيخرجوه ، فقال أبو جهل : أرى أنه تخرجوا من كل قبيلة رجلا ثم يأخذوا أسيافهم ، فيضربونه ضربة واحدة ، فلا يدرى من قتله فتدونه ، فقال الشيطان : نعم ما رأى هذا ، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك ، فخرج هو وأبو بكر إلى غار في الجبل ، يقال له ثور ، ونام [ علي ] على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، وباتوا يحرسونه يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحوا قام علي لصلاة الصبح ، بادروا إليه فإذا هم بعلي ، فقالوا : أين صاحبك ، قال : لاأدري فاقتصوا أثره ، حتى بلغوا الغار ، ثم رجعوا ، فمكث فيه هو وأبو بكر ثلاث ليال. قال معمر : قال الزهري في حديثه عن عروة (1) : فمكثا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب لقن (2) ، ثقف ، فيخرج من عندهما سحرا ، فيصبح عند قريش بمكة ،كبائت (1) ، فلا يسمع أمرا يكادان (2) به إلا وعاه ، حتى يأتيهما (3) بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة (4) من غنم ، فيريحها (5) عليهما حين يذهب ساعة من الليل ، فيبيتان في رسلها (6) ، حتى ينعق (7) بها (8) عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من الليالي الثلاث. واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل (9) من بني (10) عبدبن عدي ، هاديا خريتا - والخريت : الماهر بالهداية - قد غمس (11) يمين حلف في آل العاص بن وائل ، وهو على دين كفار قريش ، فأمناه ، فدفعا إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ، فأتى غارهما (12) براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث ، فارتحلا ،وانطلق معهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، والدليل الديلي ، فأخذ بهم طريق أذاحر ، وهو طريق الساحل. قال معمر : قال الزهري : فأخبرني عبد الرحمن (1) بن مالك المدلجي ، وهو ابن أخي سراقة بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة يقول : جاءتنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية (2) كل واحد منهما ، لمن قتلهما أو أسرهما ، قال : فبينا أنا جالس من مجالس قومي من بني مدلج (3) ، أقبل رجل منهم حتى قام علينا ، فقال : ياسراقة ! إني رأيت آنفا أسودة (4) بالساحل ، أراها محمدا وأصحابه ، قال سراقة : فعرفت أنهم هم ، فقلت : إنهم ليسوا بهم ، ولكنك رأيت فلانا وفلانا ، انطلقوا بغاة (5) ، قال : ثم ما لبثت في المجلس إلا ساعة حتى قمت ، فدخلت بيتي ، فأمرت جاريتي أن تخرج لي فرسي ، وهي من وراء أكمة تحبسها علي ، وأخذت رمحي ، فخرجت به من ظهر البيت ،فخططت بزجي (1) بالارض ، وخفضت عليه (2) الرمح ، حتى أتيت فرمي ، فركبتها ، فرفعتها (3) تقرب (4) بي ، حتى رأيت أسودتهم ، حتى [ إذا ] (5) دنوت منهم ، حيث يسمعون الصوت عثرت بي فرسي ، فخررت عنها (6) ، فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي (7) فاستخرجت منها - أي الازلام (8) - فاستقسمت بها أضرهم أم لا ؟ فخرج الذي أكره ، لاأضرهم ، فركبت فرسي وعصيت الازلام فرفعتها تقرب بي أيضا ، حتى إذا دنوت [ و ] سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو لا يلتفت ، وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت (9) يدا فرسى في الارض ، حتى بلغت الركبتين ، فخررت عنها (10) ، فزجرتها ، فنهضت ، فلم تكد تخرج يداها ، فلما استوت قائمة إذا لاثر يديها عثان (1) ساطع في السماء مثل (2) الدخان. قال معمر : قلت لابي عمرو بن العلاء : ما العثان ؟ فسكت ساعة ثم قال : هو الدخان من غير نار - قال معمر : قال الزهري في حديثه : فاستقسمت بالازلام ، فخرج الذي أكره ، لا أضرهم ، فناديتهما (3) بالامان ، فوقفا ، وركبت فرسي حتى جئتهم ، وقد وقع في نفسي حين لقيت منهم ما لقيت من الحبس عنهم ، أنه سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : إن قومك جعلوا فيك الدية ، وأخبرتهم من أخبار سفري (4) وما يريد الناس بهم ، وعرضت عليهم الزاد والمتاع ، فلم يرزءوني (5) شيئا ، ولم يسألوني إلا أن أخف عنا (6) ، فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به (7) ، فأمر عامر بن فهيرة فكتبه لي [ في ] (8) رقعة من أدم ، ثم مضى (9).قال معمر : قال الزهري : وأخبرني عروة بن الزبير أنه لقي الزبير وركبا من المسلمين ، كانوا تجار المدينة (1) بالشام ، قافلين إلى مكة ، فعرضوا للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثياب بياض ، يقال : كسوهم : أعطوهم. وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يغدون (2) كل غداة إلى الحرة ، فينتظرونه حتى يؤذيهم حر الظهيرة ، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره ، فلما انتهوا إلى بيوتهم ، أوفى (3) رجل من يهود أطما (4) من آطامهم لامر ينظر إليه ، فبصر برسول الله وأصحابه مبيضين (5) ، يزول بهم السراب (6) ، فلم يتناهى (7) اليهودي أن نادى بأعلى صوته : يا معشر العرب ! هذا جدكم (8) الذي تنتظرونه ، فثار المسلمون إلى السلاح ، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أتوه بظاهر (9) الحرة ، فعدل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ، حتى نزل في بني عمرو بن عوف ، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الاول ،...(10)وأبو بكر يذكر الناس (1) ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا ، وطفق من جاء من الانصار ممن لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسبه أبا بكر ، حتى أصابت رسول الله صلى الله عليه وسلم الشمس ، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه ، فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك ، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، وابتنى المسجد الذي أسس على التقوى ، وصلى فيه ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته ، فسار ، ومشى الناس حتى بركت به عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين ، وكان مربدا (2) للتمر لسهل وسهيل غلامين يتيمين أخوين في حجر أبي أمامة أسعد بن زرارة من بني النجار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته : هذا المنزل إن شاء الله ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين ، فساومهما بالمربد ليتخذه (3) مسجدا ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله ! فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبله هبة ، حتى ابتاعه منهما ، وبناه مسجدا ، وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن (4) في ثيابه ، وهو يقول : هذا الحمال لاحمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر ويقول :[ اللهم ] (1) إن الاجر أجر الاخرة فارحم الانصار والمهاجره يتمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي ، ولم يبلغني في الاحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت قط من شعر تام ، غير هؤلاء الابيات (2) ، ولكن كان يرجزهم لبناء المسجد. فلما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار قريش ، حالت الحرب بين مهاجرة أرض الحبشة وبين القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقوه بالمدينة زمن الخندق ، فكانت أسماء بنت عميس تحدث أن عمر بن الخطاب كان يعيرهم بالمكث في أرض الحبشة ، فذكرت ذلك - زعمت أسماء - لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لستم كذلك (3) ، وكان أول آية أنزلت في القتال (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (4). HS2/164 İbn Hişâm, Sîret, II, 164. قال ابن إسحاق : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم : لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام أوائل المهاجرين إلى الحبشة وكان أول من خرج من المسلمين من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر : عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني عبد شمس بن عبد مناف : أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس معه امرأته : سهلة بنت سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة ومن بني أسد بن عبدالعزى بن قصي : الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبدالدار بن قصي : مصعب بن عمير بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار ومن بني زهرة بن كلاب : عبدالرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة : أبو سلمة بن عبدالأسد بن هلال بن ( 2 / 165 ) عبدالله بن عمر بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب : عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني عدي بن كعب : عامر بن ربيعة حليف آل الخطاب من عنز بن وائل - قال ابن هشام : و يقال : من عنزة بن أسد بن ربيعة - معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبدالله بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ومن بني عامر بن لؤي : أبو سبرة بن أبي رهم بن عبدالعزى بن أبي قيس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ويقال : بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ويقال : هو أول من قدمها ومن بني الحارث بن فهر : سهيل بن بيضاء و هو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة فيما بلغني قال ابن هشام : وكان عليهم عثمان بن مظعون فيما ذكر لي بعض أهل العلم قال ابن إسحاق : ثم خرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة فكانوا بها منهم من خرج بأهله معه ومنهم من خرج بنفسه لا أهل له معه

10 BS18232 Beyhakî, es-Sünenü’l-kübrâ, IX, 17

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ : مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِى الزُّهْرِىُّ عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِىَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَفُتِنُوا وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلاَءِ وَالْفِتْنَةِ فِى دِينِهِمْ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لاَ يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى مَنْعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ لاَ يَصِلُ إِلَيْهِ شَىْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مَمَّا يَنَالُ أَصْحَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لاَ يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَالْحَقُوا بِبِلاَدِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ ». فَخَرَجْنَا إِلَيْهَا أَرْسَالاً حَتَّى اجْتَمَعْنَا بِهَا فَنَزَلْنَا ِخَيْرِ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَلَمْ نَخْشَ مِنْهُ ظُلْمًا. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. İS247 İbn İshâk, Sîret, s. 247. نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال : فلما اشتد البلاء و عظمت الفتنة تواثبوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و كانت الفتنة الآخرة التي أخرجت من كان هاجر من المسلمين بعد الذين كانوا خرجوا قبلهم إلى أرض الحبشة نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال : حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم أنها قالت : لما ضاقت علينا مكة و أوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و فتنوا و رأوا ما يصيبهم من البلاء و الفتنة في دينهم و أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في منعة من قومه و عمه لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا و مخرجا مما أنتم فيه فخرجنا إليها أرسالا حتى اجتمعنا بها فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنا على ديننا و لم (ص. 247) نخشى منه ظلما فلما رأت قريش أنا قد أصبنا دارا و أمنا أجمعوا على أن يبعثوا إليه فينا ليخرجنا من بلاده و ليردنا عليهم فبعثوا عمرو بن العاص و عبد الله بن أبي ربيعة فجمعوا له هدايا و لبطارقته فلم يدعوا منهم رجلا إلا هيئوا له هدية على ذي حدة و قالوا لهما : ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلموا فيهم ثم ادفعوا إليه هداياه و إن استطعتم أن يردهم عليكما قبل أن يكلمهم فافعلا فقدما عليه فلم يبق بطريق من بطارقته إلا قدموا إليه هديته و كلموه و قالوا له : إنا قدمنا على هذا الملك في سفهاء من سفهائنا فارقوا أقوامهم في دينهم و لم يدخلوا في دينكم فبعثنا قومهم فيهم ليردهم الملك عليهم فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل فقالوا : نفعل ثم قدما إلى النجاشي هداياه و كان أحب ما يهدى إليه من مكة الأدم فلما أدخلوا عليه هداياه قالوا له : أيها الملك إن فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم و لم يدخلوا في دينك و جاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه و قد لجئوا إلى بلادك فبعثنا إليك فيهم عشائرهم : آباؤهم و أعمامهم و قومهم لتردهم عليهم فهم أعلى بهم عينا فقالت بطارقته : صدقوا أيها الملك لو رددتهم عليهم كانوا هم أعلى بهم عينا فإنهم لم يدخلوا في دينك فتمنعهم بذلك فغضب ثم قال : لا لعمرو الله لا أردهم عليهم حتى أدعوهم و أكلمهم و أنظر ما أمرهم قوم لجئوا إلى بلادي و اختاروا جواري على جوار غيري فإن كانوا كما يقولون رددتهم عليهم و إن كانوا على غير ذلك منعتهم و لم أدخل بينهم و بينهم و لم أنعمهم عينا فأرسل إليهم النجاشي فجمعهم و لم يكن شيء أبغض إلى عمرو بن (ص. 248) العاص و عبد الله بن أبي ربيعة من أن يسمع كلامهم فلما جاءهم رسول النجاشي اجتمع القوم فقالوا : ماذا تقولون ؟ فقالوا : و ماذا نقول ؟ نقول و الله ما نعرف و ما نحن عليه من أمر ديننا و ما جاء به نبينا كائن في ذلك ما كان فلما دخلوا عليه كان الذي تكلمه منهم جعفر بن أبي طالب فقال النجاشي : ما هذا الدين الذي أنتم عليه ؟ فارقتم دين قومكم و لم تدخلوا في يهودية و لا نصرانية فما هذا الدين ؟ فقال جعفر : أيها الملك كنا قوما على الشرك نعبد الأوثان و نأكل الميتة و نسيء الجوار و نستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء و غيرها لا نحل شيئا و لا نحرمه فبعث الله إلينا نبيا من أنفسنا نعرف وفاءه و صدقه و أمانته فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له و نصل الرحم و نحسن الجوار و نصلي و نصوم و لا نعبد غيره فقال : هل معك شيء مما جاء به ؟ و قد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله فقال له جعفر : نعم قال : هلم فاتل علي ما جاء به فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى و الله النجاشي حتى أخضل لحيته و بكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ثم قال : إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى انطلقوا راشدين لا و الله لا أردهم عليكم و لا أنعمكم عينا فخرجا من عنده و كان أتقى الرجلين فينا عبد الله بن أبي ربيعة فقال له عمرو بن العاص : و الله لأتينه غدا بما أستأصل به خضراءهم : لأخبرته أنهم يزعمون أن إلهه الذي يعبد عيسى بن مريم عبد فقال عبد الله بن أبي ربيعة و كان أتقى الرجلين : لا نفعل فإنهم و إن كانوا خالفونا فإن لهم رحما و لهم حقا فقال : و الله لأفعلن فلما كان الغد دخل عليه فقال : أيها الملك إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما فأرسل إليهم فسلهم عنه فبعث إليهم و لم ينزل بنا مثلها فقال بعضنا لبعض : ماذا تقولون له في عيسى إن هو سألكم عنه ؟ فقالوا نقول و الله الذي قاله فيه و الذي أمرنا نبينا أن نقوله فيه فدخلوا عليه و عنده بطارقته فقال : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ (ص. 249) فقال له جعفر : نقول هو عبد الله و رسوله و كلمته و روحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول فدلى النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عويدا بين إصبعيه فقال : ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود فتناخرت بطارقته فقال : و إن تناخرتم و الله اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي ـ و السيوم الأمنون ـ و من سبكم غرم و من سبكم غرم و من سبكم غرم ـ ثلاثا ـ ما أحب أن لي دبيرا و أني أذيت رجلا منكم ـ و الدبير بلسانهم الذهب ـ فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد على ملكي فأخذ الرشوة فيه و لا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها و اخرجا من بلادي فخرجا مقبوحين مردود عليهما ما جاءا به فأقمنا مع خير جار في خير دار فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه فوالله ما علمنا حزنا قط كان أشد منه فرقا أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف فعلنا ندعو الله و نستنصره للنجاشي فخرج إليه سائرا فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم بعضهم لبعض : من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون ؟ فقال الزبير وكان من أحدثهم سنا : أنا فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من شقه الآخر إلى جنب التقاء الناس فحضر الوقعة فهزم الله ذلك الملك و قتله و ظهر النجاشي عليه فجاءنا الزبير فجعل يلمح لنا بردائه و يقول : ألا أبشروا فقد أظهر الله النجاشي فوالله ما علمنا فرحنا بشيء قط فرحنا بظهور النجاشي ثم أقمنا عنده حتى خرج من خرج منا راجعا إلى مكة و أقام من أقام نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال : قال الزهري : فحدثت بهذا الحديث عروة بن الزبير عن أم سلمة فقال عروة : هل تدري ما قوله : ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه و لا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه ؟ فقال الزهري : لا ما حدثني ذاك أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة فقال (ص. 250) عروة : فإن عائشة حدثتني أن أباه كان ملك قومه و كان له أخ من صلبه اثنا عشر رجلا و لم يكن لأبي النجاشي ولد غير النجاشي فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا : لو أنا قتلنا أبا النجاشي و ملكنا أخاه فإن له اثني عشر رجلا من صلبه فتوارثوا الملكية لبقيت الحبشة بملكهم دهرا طويلا لا يكون بينها إختلاف فعدوا عليه فقتلوه و ملكوا أخاه فدخل النجاشي لعمه حتى غلب عليه فلا يدير أمره غيره و كان لبيبا فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا : لقد غلب هذا الغلام على أمر عمه فما نأمن أن يملكه علينا و قد عرف أنا قتلنا أباه و جعلناه مكانه و أنا لا نأمن أن يملكه علينا قيقتلنا فمشوا إلى عمه فقالوا فأما أن تقتله و أما أن تخرجه من بلادنا فقال : ويحكم قتلتم أباه بالأمس و أقتله اليوم ؟ بل أخرجوه من بلادكم فخرجوا به فوقفوه بالسوق فباعوه لتاجر من التجار فقذفه في سفينة بست مائة درهم أو سبعمائة درهم فانطلق به فلما كان العشي هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته ففزعوا إلى ولده فإذا هم محمقون ليس في أحد منهم خير فمرج على الحبشة أمرهم فقال بعضهم لبعض : تعلمن و الله أن ملككم الذي لا يصلح أمركم غير الذي بعتم الغداة فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فردوه فعقدوا عليه تاجه و أجلسوه على سريره و ملكوه فقال التاجر : ردوا علي مالي كما أخذتم مني غلامي فقالوا : لا نعطيك قال : إذن و الله أكلمه فقالوا : و إن فمشى إليه فقال أيها الملك إني ابتعت غلاما فقبض مني الذين باعوه ثمنه ثم عدوا على غلامي فنزعوه من يدي و لم يردوا علي مالي فكان أول ما أختبر من صلابة حكمه و عدله أن قال : لتردن عليه ماله أو ليجعلن غلامه يده في يده فليذهبن به حيث شاء فقالوا : بل نعطيه ماله فأعطوه إياه فلذلك يقول : ما أخذ الله مني رشوة فأخذ الرشوة فيه حين رد علي ملكي و لا أطاع الناس في فأطيعهم فيه نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال : حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال : إنما كان يكلم النجاشي عثمان بن عفان نا أحمد نا يونس عن ابن اسحاق قال : و ليس كذلك و إنما كان يكلمه جعفر بن أبي طالب (ص. 251)

11 B1320 Buhârî, Cenâiz 54

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « قَدْ تُوُفِّىَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الْحَبَشِ فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ » . قَالَ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ وَنَحْنُ صُفُوفٌ . قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنْتُ فِى الصَّفِّ الثَّانِى . M2208 Müslim, Cenâiz, 65. وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَاتَ الْيَوْمَ عَبْدٌ لِلَّهِ صَالِحٌ أَصْحَمَةُ » . فَقَامَ فَأَمَّنَا وَصَلَّى عَلَيْهِ .