Hadislerle İslâm Cilt 6 Sayfa 167

aşarak, Habeşistan (Etiyopya) yani Afrika topraklarına ayak basmış oldular. İlk muhacirler arasında Hz. Osman ve Peygamberimizin kızı olan hanımı Rukayye, Ebû Seleme ve han ımı Ümmü Seleme, Zübeyr b. Avvâm, Mus"ab b. Umeyr, Abdurrahman b. Avf, Osman b. Maz"ûn, Ebû Huzeyfe b. Utbe ve hanı mı Sehle bnt. Süheyl, Âmir b. Rebîa ve hanımı Leylâ bnt. Ebû Hasme, Ebû Sebre, Hâtıb b. Amr ve Süheyl b. Beydâ yer almaktaydı.12

Hicret edenler arasında bulunan Ümmü Seleme"nin naklettiğine göre, muhacirler Habeşistan"da en hayırlı komşu olan Necâşî"yle birlikteydiler. Orada dinlerini emniyet içinde yaşama imkânı buldular. Hiç kimse dinleri aleyhinde bir tutumda bulunmamış ve kötü bir söz söylememişti.13 Habeşistan"a yapılan bu ilk hicretten birkaç ay sonra, Mekke"de durumun düzeldiğine dair bazı asılsız söylentiler çıkmış, bunun üzerine Müslümanlardan bir kısmı Mekke"ye geri dönmüştü. Ancak burada müşriklerin daha da artan baskılarıyla karşılaşılması üzerine, Allah Resûlü ikinci bir gruba Habeşistan"a hicret için izin verdi. İlk hicretten yaklaşık bir yıl sonra Peygamberimizin amcasının oğlu Ca"fer b. Ebû Tâlib"in de aralarında bulunduğu yüz kişiyi aşan yeni bir grupla Habeşistan"a ikinci kez hicret edildi.14

İkinci hicretle birlikte Mekke"den kimi tek başına kimi ailesiyle pek çok kişi ayrılmış bulunuyordu. Fakat Müslümanların sığındıkları memlekette kendi ülkelerinden daha rahat oldukları haberleri gelince bu durum Mekke müşriklerini çok rahatsız etmişti. Kendi menfaatlerini yakından takip eden Mekkeli müşrikler, Habeşistan"a yerleşip dinlerini rahatça yaşayan, kimse tarafından hor görülmeyen Müslümanların durumunu, ileriye dönük bir tehlike olarak gördüler. Bunun üzerine Kureyşli kabile reisleri gecikmeden toplanarak muhacirlerin buradan çıkarılıp sürülmeleri için elçi göndermeye karar verdiler. İçlerinden siyaset konusunda yetenekli, ikna kabiliyetleri yüksek iki seçkin kişiyi görevlendirdiler. Bunlar, daha sonra önde gelen sahâbîler arasında yer alacak olan Amr b. Âs ve Abdullah b. Ebû Rebîa idi. Necâşî ve kumandanlarına sunulmak üzere türlü hediyelerle donatılmış olan bu heyet, Habeşistan"a gönderildi. Amaçları Necâşî"nin, ülkesine sığınan bu çaresiz insanları kabul etmemesini, kendilerine geri vermesini sağlamaktı.15

Heyet Habeşistan"a geldiğinde kralın huzuruna çıkmadan önce, beraberinde getirdikleri değerli hediyeleri kumandanlara takdim ettiler. Böylece, Necâşî"nin huzuruna çıkıldığında kendilerini desteklemelerini sağlamak istiyorlardı. Ayrıca, muhacirlerin Habeşistan"a geldikleri hâlde

    

Dipnotlar

12 ST1/203 İbn Sa’d, Tabakât, I, 204.

( ذكر هجرة من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أرض الحبشة في المرة الأولى ) أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا هشام بن سعد عن الزهري قال لما كثر المسلمون وظهر الإيمان وتحدث به ثار ناس كثير من المشركين من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم فعذبوهم وسجنوهم وأردوا فتنتهم عن دينهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم تفرقوا في الأرض فقالوا أين نذهب يا رسول الله قال ههنا وأشار (203) إلى الحبشة وكانت أحب الأرض إليه أن يهاجر قبلها فهاجر ناس ذوو عدد من المسلمين منهم من هاجر معه بأهله ومنهم من هاجر بنفسه حتى قدموا أرض الحبشة أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا يونس بن محمد الظفري عن أبيه عن رجل من قومه قال وأخبرنا عبيد الله بن العباس الهذلي عن الحارث بن الفضيل قالا فخرجوا متسللين سرا وكانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة حتى انتهوا إلى الشعيبة منهم الراكب والماشي ووفق الله تعالى للمسلمين ساعة جاؤوا سفينتين للتجار حملوهم فيهما إلى أرض الحبشة بنصف دينار وكان مخرجهم في رجب من السنة الخامسة من حين نبيء رسول الله صلى الله عليه و سلم وخرجت قريش في آثارهم حتى جاؤوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحدا قالوا وقدمنا أرض الحبشة فجاورنا بها خير جار أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد عن أبيه قال وحدثني عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن يحيى بن حبان قال تسمية القوم الرجال والنساء عثمان بن عفان معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبدبن الحارث بن زهرة وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة وعثمان بن مظعون الجمحي وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي بن كعب معه امرأته ليلى بنت أبي حتمة وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى العامري وحاطب بن عمرو بن عبد شمس وسهيل بن بيضاء من بني الحارث بن فهر وعبد الله بن مسعود حليف بني زهرة (204) ( ذكر سبب رجوع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة ) أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد بن فضالة الظفري عن أبيه قال وحدثني كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قالا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه كفا عنه فجلس خاليا فتمنى فقال ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم والنجم إذا هوى حتى إذا بلغ أرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان كلمتين على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما ثم مضى فقرأ السورة كلها وسجد وسجد القوم جميعا ورفع الوليد بن المغيرة ترابا إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود ويقال إن أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ ترابا فسجد عليه رفعه إلى جبهته وكان شيخا كبيرا فبعض الناس يقول إنما الذي رفع التراب الوليد وبعضهم يقول أبو أحيحة وبعضهم يقول كلاهما جميعا فعل ذلك فرضوا بما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده وأما إذ جعلت لها نصيبا فنحن معك فكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم حتى جلس في البيت فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة فقال جبريل جئتك بهاتين الكلمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت على الله ما لم يقل فأوحى الله إليه (205) وان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لأتخذوك خليلا إلى قوله ثم لا تجد لك علينا نصيرا أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال فشت تلك السجدة في الناس حتى بلغت أرض الحبشة فبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة قد سجدوا وأسلموا حتى أن الوليد بن المغيرة وأبا أحيحة قد سجدا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال القوم فمن بقي بمكة إذا أسلم هؤلاء وقالوا عشائرنا أحب إلينا فخرجوا راجعين حتى غذا كانوا دون مكة بساعة من نهار لقوا ركبا من كنانة فسألوهم عن قريش وعن حالهم فقال الركب ذكر محمد وآلهتهم بخير فتابعه الملأ ثم ارتد عنها فعاد لشتم آلهتهم وعادوا له بالشر فتركناهم على ذلك فأتمر القوم في الرجوع الى أرض الحبشة ثم قالوا قد بلغنا ندخل فننظر ما فيه قريش ويحدث عهدا من أراد بأهله ثم يرجع أخبرنا محمد بن عمر قال فحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال دخلوا مكة ولم يدخل أحد منهم إلا بجوار إلا بن مسعود فإنه مكث يسيرا ثم رجع إلى أرض الحبشة قال محمد بن عمر فكانوا خرجوا في رجب سنة خمس فأقاموا شعبان وشهر رمضان وكانت السجدة في شهر رمضان وقدموا في شوال سنة خمس (206) ( ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة ) أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني سيف بن سليمان عن بن أبي نجيح قال وحدثني عتبة بن جبيرة الأشهلي عن يعقوب بن عمر بن قتادة قال سمعت شيخا من بني مخزوم يحدث أنه سمع أم سلمة قال وحدثنا عبد الله بن محمد الجمحي عن أبيه عن عبد الرحمن بن سابط قالوا لما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مكة من الهجرة الأولى اشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديدا فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية فكانت خرجتهم الآخرة أعظمها مشقة ولقوا من قريش تعنيفا شديدا ونالوهم بالأذى واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم فقال عثمان بن عفان يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي ولست معنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم مهاجرون إلى الله وإلي لكم هاتان الهجرتان جميعا قال عثمان فحسبنا يا رسول الله وكان عدة من خرج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين رجلا ومن النساء إحدى عشرة أمرأة قرشية وسبع غرائب فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي بأحسن جوار فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا ومن النساء ثماني نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعة نفر وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا فلما كان شهر ربيع الأول سنة سبع من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري فلما قرئ عليه الكتاب أسلم وقال لو قدرت أن آتيه لأتيته وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وكانت فيمن هاجر إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصر هناك ومات فزوجه النجاشي إياها وأصدق عنه أربعمائة دينار وكان الذي ولي تزويجها خالد بن سعيد بن العاص وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه من بقي عنده من أصحابه ويحملهم ففعل وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري فأرسلوا بهم إلى ساحل بولا وهو الجار ثم تكاروا الظهر حتى قدموا المدينة فيجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فشخصوا إليه فوجدوه قد فتح خيبر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم ففعلوا (207)

13 HM1740 İbn Hanbel, I, 202.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ الْأَدَمُ فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ وَقَالُوا لَهُمَا ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ قَالَتْ فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالَا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِيَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَتُشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْنَا وَلَا يُكَلِّمَهُمْ فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُمَا نَعَمْ ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ قَالَتْ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَهُمْ فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَوْمُهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا فَلْيَرُدَّاهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ قَالَ فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ ثُمَّ قَالَ لَا هَا اللَّهِ ايْمُ اللَّهِ إِذَنْ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْهِمَا وَلَا أُكَادُ قَوْمًا جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ مَاذَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي قَالَتْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلَّمَنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ قَالَتْ فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص قَالَتْ فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أُكَادُ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَاللَّهِ لَأُنَبِّئَنَّهُمْ غَدًا عَيْبَهُمْ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا قَالَ وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ قَالَتْ ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ قَالَتْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ قَالَتْ وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهُ فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ قَالَتْ فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ فَقَالَ وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللَّهِ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي وَالسُّيُومُ الْآمِنُونَ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْجَبَلُ رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ قَالَتْ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ قَالَتْ فَوَاللَّهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ قَالَتْ وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ قَالَتْ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ قَالَتْ فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَنَا قَالَتْ وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا قَالَتْ فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ قَالَتْ وَدَعَوْنَا اللَّهَ لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ وَاسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ

14 ST1/203 İbn Sa’d, Tabakât, I, 206-207

( ذكر هجرة من هاجر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أرض الحبشة في المرة الأولى ) أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا هشام بن سعد عن الزهري قال لما كثر المسلمون وظهر الإيمان وتحدث به ثار ناس كثير من المشركين من كفار قريش بمن آمن من قبائلهم فعذبوهم وسجنوهم وأردوا فتنتهم عن دينهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم تفرقوا في الأرض فقالوا أين نذهب يا رسول الله قال ههنا وأشار (203) إلى الحبشة وكانت أحب الأرض إليه أن يهاجر قبلها فهاجر ناس ذوو عدد من المسلمين منهم من هاجر معه بأهله ومنهم من هاجر بنفسه حتى قدموا أرض الحبشة أخبرنا محمد بن عمر أخبرنا يونس بن محمد الظفري عن أبيه عن رجل من قومه قال وأخبرنا عبيد الله بن العباس الهذلي عن الحارث بن الفضيل قالا فخرجوا متسللين سرا وكانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة حتى انتهوا إلى الشعيبة منهم الراكب والماشي ووفق الله تعالى للمسلمين ساعة جاؤوا سفينتين للتجار حملوهم فيهما إلى أرض الحبشة بنصف دينار وكان مخرجهم في رجب من السنة الخامسة من حين نبيء رسول الله صلى الله عليه و سلم وخرجت قريش في آثارهم حتى جاؤوا البحر حيث ركبوا فلم يدركوا منهم أحدا قالوا وقدمنا أرض الحبشة فجاورنا بها خير جار أمنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد عن أبيه قال وحدثني عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن يحيى بن حبان قال تسمية القوم الرجال والنساء عثمان بن عفان معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبدبن الحارث بن زهرة وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة وعثمان بن مظعون الجمحي وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي بن كعب معه امرأته ليلى بنت أبي حتمة وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى العامري وحاطب بن عمرو بن عبد شمس وسهيل بن بيضاء من بني الحارث بن فهر وعبد الله بن مسعود حليف بني زهرة (204) ( ذكر سبب رجوع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة ) أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني يونس بن محمد بن فضالة الظفري عن أبيه قال وحدثني كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قالا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه كفا عنه فجلس خاليا فتمنى فقال ليته لا ينزل علي شيء ينفرهم عني وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم والنجم إذا هوى حتى إذا بلغ أرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان كلمتين على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما ثم مضى فقرأ السورة كلها وسجد وسجد القوم جميعا ورفع الوليد بن المغيرة ترابا إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخا كبيرا لا يقدر على السجود ويقال إن أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ ترابا فسجد عليه رفعه إلى جبهته وكان شيخا كبيرا فبعض الناس يقول إنما الذي رفع التراب الوليد وبعضهم يقول أبو أحيحة وبعضهم يقول كلاهما جميعا فعل ذلك فرضوا بما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده وأما إذ جعلت لها نصيبا فنحن معك فكبر ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم حتى جلس في البيت فلما أمسى أتاه جبريل عليه السلام فعرض عليه السورة فقال جبريل جئتك بهاتين الكلمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت على الله ما لم يقل فأوحى الله إليه (205) وان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لأتخذوك خليلا إلى قوله ثم لا تجد لك علينا نصيرا أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال فشت تلك السجدة في الناس حتى بلغت أرض الحبشة فبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة قد سجدوا وأسلموا حتى أن الوليد بن المغيرة وأبا أحيحة قد سجدا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال القوم فمن بقي بمكة إذا أسلم هؤلاء وقالوا عشائرنا أحب إلينا فخرجوا راجعين حتى غذا كانوا دون مكة بساعة من نهار لقوا ركبا من كنانة فسألوهم عن قريش وعن حالهم فقال الركب ذكر محمد وآلهتهم بخير فتابعه الملأ ثم ارتد عنها فعاد لشتم آلهتهم وعادوا له بالشر فتركناهم على ذلك فأتمر القوم في الرجوع الى أرض الحبشة ثم قالوا قد بلغنا ندخل فننظر ما فيه قريش ويحدث عهدا من أراد بأهله ثم يرجع أخبرنا محمد بن عمر قال فحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال دخلوا مكة ولم يدخل أحد منهم إلا بجوار إلا بن مسعود فإنه مكث يسيرا ثم رجع إلى أرض الحبشة قال محمد بن عمر فكانوا خرجوا في رجب سنة خمس فأقاموا شعبان وشهر رمضان وكانت السجدة في شهر رمضان وقدموا في شوال سنة خمس (206) ( ذكر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة ) أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال حدثني سيف بن سليمان عن بن أبي نجيح قال وحدثني عتبة بن جبيرة الأشهلي عن يعقوب بن عمر بن قتادة قال سمعت شيخا من بني مخزوم يحدث أنه سمع أم سلمة قال وحدثنا عبد الله بن محمد الجمحي عن أبيه عن عبد الرحمن بن سابط قالوا لما قدم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مكة من الهجرة الأولى اشتد عليهم قومهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذى شديدا فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرة ثانية فكانت خرجتهم الآخرة أعظمها مشقة ولقوا من قريش تعنيفا شديدا ونالوهم بالأذى واشتد عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم فقال عثمان بن عفان يا رسول الله فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة إلى النجاشي ولست معنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم مهاجرون إلى الله وإلي لكم هاتان الهجرتان جميعا قال عثمان فحسبنا يا رسول الله وكان عدة من خرج في هذه الهجرة من الرجال ثلاثة وثمانين رجلا ومن النساء إحدى عشرة أمرأة قرشية وسبع غرائب فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي بأحسن جوار فلما سمعوا بمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا ومن النساء ثماني نسوة فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعة نفر وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا فلما كان شهر ربيع الأول سنة سبع من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري فلما قرئ عليه الكتاب أسلم وقال لو قدرت أن آتيه لأتيته وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وكانت فيمن هاجر إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصر هناك ومات فزوجه النجاشي إياها وأصدق عنه أربعمائة دينار وكان الذي ولي تزويجها خالد بن سعيد بن العاص وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه من بقي عنده من أصحابه ويحملهم ففعل وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري فأرسلوا بهم إلى ساحل بولا وهو الجار ثم تكاروا الظهر حتى قدموا المدينة فيجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فشخصوا إليه فوجدوه قد فتح خيبر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم ففعلوا (207) EÜ1/189 İbnü’l-Esîr, Üsdü’l-gâbe, I, 189. أرمى بن أصحمة س أرمى بن أصحمة النجاشي ابن بحر أخبرنا أبو موسى إجازة قال : قال محمد بن إسحاق بن يسار : النجاشي أصحمة وهو (ص. 189) بالعربية : عطية وإنما النجاشي اسم الملك كقولك : كسرى قال : وذكر الإمام أبو القاسم إسماعيل : يعني أن محمد بن الفضل شيخه رحمة الله عليه في المغازي عمن ذكر أن السنة السابعة كتب فيها النبي صلى الله عليه و سلم الكتب إلى الملوك وبعث إليهم الرسل يدعوهم إلى الله عز و جل فقيل : إنهم لا يقرأون كتابا إلا بخاتم فاتخذ خاتما من فضة نقش فيه : " محمد رسول الله يختم به الصحف وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي أصحمة بن بحر كتب إليه النبي صلى الله عليه و سلم : " سلم أنت فإني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته القاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه وخلقه كما خلق آدم بيده ونفخه وإني أدعوك إلى الله تعالى وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا ومن معه من المسلمين فدع التجبر واقبل نصحي والسلام على من اتبع الهدى " فقرأ النجاشي الكتاب وكتب جوابه : " بسم الله الرحمن الرحيم . سلام عليك يا نبي الله ورحمته وبركاته الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام . أما بعد فقد أتاني كتابك فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما قلت ثفروقا وإنه كما قلت ولقد عرفنا ما بعثت به إلينا ولقد قربنا ابن عمك وأصحابه وأشهد أنك رسول الله صادقا مصدوقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين وبعثت إليه بابني أرمى بن الأصحم فإني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك يا رسول الله فعلت فإني أشهد أن ما تقوله حق والسلام عليك يا رسول الله " (ص. 190) فخرج ابنه في ستين نفسا من الحبشة في سفينة في البحر فلما توسطوا البحر غرقوا كلهم أخرجه أبو موسى

15 HM1740 İbn Hanbel, I, 202.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لَا نُؤْذَى وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا ائْتَمَرُوا أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ فِينَا رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ وَأَنْ يُهْدُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَا مِمَّا يُسْتَطْرَفُ مِنْ مَتَاعِ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ مَا يَأْتِيهِ مِنْهَا إِلَيْهِ الْأَدَمُ فَجَمَعُوا لَهُ أَدَمًا كَثِيرًا وَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقًا إِلَّا أَهْدَوْا لَهُ هَدِيَّةً ثُمَّ بَعَثُوا بِذَلِكَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ وَأَمَرُوهُمَا أَمْرَهُمْ وَقَالُوا لَهُمَا ادْفَعُوا إِلَى كُلِّ بِطْرِيقٍ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمُوا النَّجَاشِيَّ فِيهِمْ ثُمَّ قَدِّمُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدَايَاهُ ثُمَّ سَلُوهُ أَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْكُمْ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ قَالَتْ فَخَرَجَا فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ وَعِنْدَ خَيْرِ جَارٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ بَطَارِقَتِهِ بِطْرِيقٌ إِلَّا دَفَعَا إِلَيْهِ هَدِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَا النَّجَاشِيَّ ثُمَّ قَالَا لِكُلِّ بِطْرِيقٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِ الْمَلِكِ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكُمْ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتُمْ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَى الْمَلِكِ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ لِيَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَإِذَا كَلَّمْنَا الْمَلِكَ فِيهِمْ فَتُشِيرُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يُسْلِمَهُمْ إِلَيْنَا وَلَا يُكَلِّمَهُمْ فَإِنَّ قَوْمَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُمَا نَعَمْ ثُمَّ إِنَّهُمَا قَرَّبَا هَدَايَاهُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فَقَبِلَهَا مِنْهُمَا ثُمَّ كَلَّمَاهُ فَقَالَا لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدْ صَبَا إِلَى بَلَدِكَ مِنَّا غِلْمَانٌ سُفَهَاءُ فَارَقُوا دِينَ قَوْمِهِمْ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي دِينِكَ وَجَاءُوا بِدِينٍ مُبْتَدَعٍ لَا نَعْرِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ وَقَدْ بَعَثَنَا إِلَيْكَ فِيهِمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَعْمَامِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ لِتَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ وَعَاتَبُوهُمْ فِيهِ قَالَتْ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ النَّجَاشِيُّ كَلَامَهُمْ فَقَالَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ صَدَقُوا أَيُّهَا الْمَلِكُ قَوْمُهُمْ أَعَلَى بِهِمْ عَيْنًا وَأَعْلَمُ بِمَا عَابُوا عَلَيْهِمْ فَأَسْلِمْهُمْ إِلَيْهِمَا فَلْيَرُدَّاهُمْ إِلَى بِلَادِهِمْ وَقَوْمِهِمْ قَالَ فَغَضِبَ النَّجَاشِيُّ ثُمَّ قَالَ لَا هَا اللَّهِ ايْمُ اللَّهِ إِذَنْ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْهِمَا وَلَا أُكَادُ قَوْمًا جَاوَرُونِي وَنَزَلُوا بِلَادِي وَاخْتَارُونِي عَلَى مَنْ سِوَايَ حَتَّى أَدْعُوَهُمْ فَأَسْأَلَهُمْ مَاذَا يَقُولُ هَذَانِ فِي أَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانُوا كَمَا يَقُولَانِ أَسْلَمْتُهُمْ إِلَيْهِمَا وَرَدَدْتُهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ وَإِنْ كَانُوا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَنَعْتُهُمْ مِنْهُمَا وَأَحْسَنْتُ جِوَارَهُمْ مَا جَاوَرُونِي قَالَتْ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَاهُمْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُهُ اجْتَمَعُوا ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا تَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذَا جِئْتُمُوهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ مَا عَلَّمَنَا وَمَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَلَمَّا جَاءُوهُ وَقَدْ دَعَا النَّجَاشِيُّ أَسَاقِفَتَهُ فَنَشَرُوا مَصَاحِفَهُمْ حَوْلَهُ سَأَلَهُمْ فَقَالَ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي فَارَقْتُمْ فِيهِ قَوْمَكُمْ وَلَمْ تَدْخُلُوا فِي دِينِي وَلَا فِي دِينِ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ قَالَتْ فَكَانَ الَّذِي كَلَّمَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ وَنُسِيءُ الْجِوَارَ يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ فَلَمْ نُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنْ الْخَبَائِثِ فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ سِوَاكَ وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ هَلْ مَعَكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدْرًا مِنْ كهيعص قَالَتْ فَبَكَى وَاللَّهِ النَّجَاشِيُّ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى أَخْضَلُوا مَصَاحِفَهُمْ حِينَ سَمِعُوا مَا تَلَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى لَيَخْرُجُ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ انْطَلِقَا فَوَاللَّهِ لَا أُسْلِمُهُمْ إِلَيْكُمْ أَبَدًا وَلَا أُكَادُ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا خَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَاللَّهِ لَأُنَبِّئَنَّهُمْ غَدًا عَيْبَهُمْ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ قَالَتْ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لَهُمْ أَرْحَامًا وَإِنْ كَانُوا قَدْ خَالَفُونَا قَالَ وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ قَالَتْ ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قَوْلًا عَظِيمًا فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ قَالَتْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْأَلُهُمْ عَنْهُ قَالَتْ وَلَمْ يَنْزِلْ بِنَا مِثْلُهُ فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إِذَا سَأَلَكُمْ عَنْهُ قَالُوا نَقُولُ وَاللَّهِ فِيهِ مَا قَالَ اللَّهُ وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا كَائِنًا فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ قَالَتْ فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ مَا عَدَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ فَتَنَاخَرَتْ بَطَارِقَتُهُ حَوْلَهُ حِينَ قَالَ مَا قَالَ فَقَالَ وَإِنْ نَخَرْتُمْ وَاللَّهِ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي وَالسُّيُومُ الْآمِنُونَ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ ثُمَّ مَنْ سَبَّكُمْ غُرِّمَ فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي دَبْرًا ذَهَبًا وَأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنْكُمْ وَالدَّبْرُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ الْجَبَلُ رُدُّوا عَلَيْهِمَا هَدَايَاهُمَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهَا فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعَهُمْ فِيهِ قَالَتْ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ مَعَ خَيْرِ جَارٍ قَالَتْ فَوَاللَّهِ إِنَّا عَلَى ذَلِكَ إِذْ نَزَلَ بِهِ يَعْنِي مَنْ يُنَازِعُهُ فِي مُلْكِهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْنَا حُزْنًا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّجَاشِيِّ فَيَأْتِيَ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ مِنْهُ قَالَتْ وَسَارَ النَّجَاشِيُّ وَبَيْنَهُمَا عُرْضُ النِّيلِ قَالَتْ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَتَّى يَحْضُرَ وَقْعَةَ الْقَوْمِ ثُمَّ يَأْتِيَنَا بِالْخَبَرِ قَالَتْ فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَنَا قَالَتْ وَكَانَ مِنْ أَحْدَثِ الْقَوْمِ سِنًّا قَالَتْ فَنَفَخُوا لَهُ قِرْبَةً فَجَعَلَهَا فِي صَدْرِهِ ثُمَّ سَبَحَ عَلَيْهَا حَتَّى خَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ النِّيلِ الَّتِي بِهَا مُلْتَقَى الْقَوْمِ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى حَضَرَهُمْ قَالَتْ وَدَعَوْنَا اللَّهَ لِلنَّجَاشِيِّ بِالظُّهُورِ عَلَى عَدُوِّهِ وَالتَّمْكِينِ لَهُ فِي بِلَادِهِ وَاسْتَوْسَقَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْحَبَشَةِ فَكُنَّا عِنْدَهُ فِي خَيْرِ مَنْزِلٍ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ